تواصل - شريف بن أحمد ، عدسة: إبراهيم فلاته:

لم تكن رحلة طبيب الأسنان الحاج "عاشور سامي أبو عسارة" إلى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة محفوفة بالورود، بل مليئة بالمخاطر التي عرّضته مرتين للموت.

بدأت قصة ابن المدينة الساحلية جنزور التي تبعد أكثر من 10 كليومترات غرب العاصمة الليبية طرابلس، منذ 48 شهراً وتحديداً في الواحد والعشرين من سبتمبر 2011، بعد أن كان يقود سيارته برفقة صديقين كانوا يساعدون قوات الثورة في ليبيا، ولم يستطيعوا إكمال المسيرة إلى رفقائهم بعد أن ضرب صاروخ السيارة التي كانت تقلهم، وفارق زميله الأول الحياة، وانقسم جسد الثاني لنصفين، فيما نُقل أبو عسارة للمستشفى ولم يكن يتوقع الطبيب المعالج أن ينجو من الإصابة البليغة التي تعرض لها في الرأس، وأكد أن بقاءه على قيد الحياة لن يتعدى الدقائق.

وشاءت قدرة الله أن تُكتب لهذا الطبيب الحياة مرة أخرى بعد أن جاءته طائرة إخلاء طبي لتنقله للعلاج في العاصمة الإيطالية روما والتي عولج فيها من إصابته، وليكمل علاجه في فرنسا ليستعيد توازنه بعد الإصابات العديدة التي تعرض لها في رأسه وأذنه وساقه، لم يطل المكوث في باريس حاملاً حقائب السفر معلناً الرحيل إلى العاصمة النمساوية فيينا ليجد بروفيسوراً أمريكياً ليجد حلاً لمشكلة السمع لديه بعد فقد قدرته على سماع أصوات من حوله، بعد أن وضعوا له جهازاً يمكنه من سماع الأصوات.

ساهمت الحكومة النمساوية في تيسير أمور حياته مع خلال منحه إقامة لعشر سنوات يستكمل فيها علاجه، ولكن حنين العودة للوطن كان محركاً لعواطف أبو عسارة الذي قرر العودة إلى الديار بعد 4 سنوات من غيابه عنها، يقول:" بعد عودتي لليبيا تم وضع اسمي ضمن جمعية أبطال ليبيا لفاقدي الأطراف والتي تُعنى بالمصابين في الحرب، ولم أتوقع أن يأتي دوري سريعاً، فكان ثاني أيام عيد أفطر مبشراً لي بخبر أول حجة"، وبيَّن أن سعادته اكتملت بعد قدومه للمشاعر المقدسة وأدائه للفريضة.

وخصص رئيس مكتب حجاج ليبيا التابع لمؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية المطوف عبدالله معاجيني لعاشور وزملائه من فاقدي الأطراف في الحرب فريقاً خاصاً يساعدهم على أداء المناسك بكل يسر وسهولة، وقال معاجيني:" تم تجهيز كافة المتطلبات والاحتياجات التي تهم الحجاج وتساعدهم على أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة ابتداءً من وقت وصولهم إلى المملكة باستقبال يليق بضيوف البيت الحرام، وتكليف فريق متخصص لمساعدة الحجاج غير القادرين على السير إثناء تنقلهم في الحافلات ومساعدتهم في المشاعر المقدسة ومكة المكرمة".

وأضاف:" حرصنا على توفير أقصى درجات الراحة للحجاج من خلال الخدمات الخاصة كدورات المياه الخاصة والتي تم تخصصها بشكل مناسب بـ 4 حمامات، وتوفير أَسِرَّة لهم في المخيمات بالإضافة إلى الخدمات الصحية التي يحتاجونها كالمخدات الطبية والفرش الطبية وكذلك تأمين حقيبة صحية لكل حاج تتوفر فيها جميع الأدوية والعلاجات الخاصة، وتم تكليف فردين لكل حاج من أجل مساعدتهم في المخيم وتوفير جميع ما يحتاجونه".