الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

التربية على فعل الخير.. كيف تجعل طفلك محتسباً؟

maxresdefault
أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
تواصل - تحقيق - هياء الدكان:

يمكن تربية الطفل على الاحتساب بذكر فضائله وثمراته وتدريبه عملياً على ذلك داخل الأسرة، وأن يتمثل أمامه قدوة صالحة في الاحتساب. فإذا مارس ذلك يعزز بالثناء عليه والدعاء له وتقبل نصيحته والصبر، فالشجرة لا تؤتي الثمر إلا إذا عاهدناها بالرعاية والعناية والسقيا، فكيف بفلذات الأكباد وثمرات القلوب؟!

اضافة اعلان

هذا التحقيق يطلعنا على تجارب عملية، ونماذج وأمثلة لكيفية غرس قيم الاحتساب لدى الطفل.

* الطفل يكتسب بالقدوة

يشاركنا بإبداء الرأي إمام مسجد السبعان بالرياض، عبدالله بن عبدالرحمن الجساس، قائلاً: للقدوة دور في حياة الأبناء وتربيتهم على الاحتساب، فعندما يرى الابن والده يسمح للآخرين أصحاب السيارات العبور أمامه ولو كان في زحام شديد بل يصبر ويتيح لهم الفرصة، وكذلك عندما يرى والده ينتظر دوره في التقدم في المرافق العامة والمحال التجارية، ولا يزاحم الآخرين ويضايقهم بل وإن رأى كبيراً أو عاجزاً قدمه حتى إن قال الابن لأبيه تأخرنا فليقل له برفق: لنحتسب يا بني ولنا الأجر. فما تضرنا لحظات هي عند الله لا تقدر بثمن. وعندما يرى الابن أو البنت أمها ترتب حاجات الأسر الفقيرة، وتخرج بعض المواد التموينية والغذائية بشكل مرتب وتضعه في علب مناسبة حتى وإن كان ذلك يتعبها قليلاً لكن ترى من أمها السعادة وهي تقوم بمثل هذه الأعمال قائلة: يا بنتي نحتسب والله يسمع ويرى فلندخل السرور على هذه الأسرة ولنقدم لها ما تحتاجه كهدية سنفرحها أكثر هنا تتربى البنت على الإحسان والإتقان.

ويضيف الجساس: كذلك إذا وجد أذى في طريق المارة وقام بنفسه ينظفه فيرى الابن أو الطفل المار أن هذا الرجل الكبير يقوم بنفسه بهذا العمل ولا يخشى على ثيابه أو مركزه فلا يمتنع مستقبلاً إن رأى أذى أو طعاماً أو نعمة إلا أن يحمله ويبعدها إلى أقرب مكان مناسب.

وختم مؤكداً بأننا نحتاج القدوة قبل أن ننتهج سبيل الأوامر والنواهي السهلة التي لا نستخدم بها سوى ألسنتنا إلا أنها ذات مفعول مؤقت ينتهي بانتهاء الأمر بل علينا أن نتحرك نحن ونفعل الخير بأنفسنا نؤجر وفي نفس الوقت نترك أثراً بإذن الله باقياً.

*القدوة والاحتساب

تعتبر القدوة أقوى الأساليب في تعويد الطفل على الفضائل، فممارسة الوالدين للدعوة أمام أبنائهما أكبر معين - بتوفيق الله - وهذا ما أكدته المشرفة التربوية بتعليم البنات الأستاذة منال السالم، كما تلعب المناشط المدرسية في مصليات المدارس والإذاعة الصباحية واللوحات الحائطية دوراً في إتاحة الفرصة للطلاب والطالبات ليقوموا بالدعوة والاحتساب.

وعلى المربين أن يساعدوا النشء بتوظيف التقنيات الحديثة في الاحتساب كالرسائل النصية والإلكترونية والمواقع الاجتماعية (تويتر- فيسبوك) والبرامج وغيرها من التقنيات التي تزخر بها حياتنا اليومية، فمن المهم جداً أن يعلم الطفل بما يدعو إليه إذ من أهم شروط الاحتساب – العلم - ويؤكد عليه في ذلك ومن لوازم نجاح الاحتساب الأسلوب الحسن المقبول كما كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم فيعوّد عليه الأبناء من خلال المواقف.

*الأسرة نواة الاحتساب

وأكملت معلمة التربية الإسلامية خولة الزامل تقول: لا ينكر عاقل فضلاً عن مسلم فضلاً عن متدين ومستقيم ما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأهمية بمكان في إثبات الخير والفضائل والترغيب بها وفي التحذير من الرذائل وتبشيع أمرها ومرتكبها، وهذا ليس في الإسلام فحسب بل في جميع الأديان بل في طبائع الجن والأنس، وما من شك أيضاً أن الأسرة هي النواة الأولى وعليها المعول في تصنيف الأمور والتصرفات بل والعادات إلى خير وشر فما حض عليه الوالدان وفعلاه فهو يتوجه فوراً في أذهان أبنائهم ومن هم قدوة لهم كالأيتام الذين في حضانتهم مثلاً؛ يتوجه إلى أنه حسن وفضيلة وكل أمر وفعل تركه الوالدان وحذرا منه فهو يندرج في أذهان من هم قدوة لهم أنه شر ويتوجب الحذر منه لهذا جاءت الشريعة أولاً بالحث على اختيار الشريك - زوجاً كان أو زوجة - الأحسن والأخير من لا يعاب في دين ولا خلق لأنه سيكون لذريته من بعده قدوة ومثلاً يحتذى به.

وأضافت: أن بعضاً من الوسائل التي أراها سبيل إلى تعليم المتربي طريق الاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يبرز فيها أن لا يرى الطفل والديه على منكرٍ ووالداه يرجوان منه أن يتجنبه فضلاً عن أن يحذر الآخرين منه, كذلك أن يراك ويسمعك تتمثل الهدي النبوي في إرشاد الضال والمخطئ، وكل من جانب الصواب بالأسلوب الأحسن والطريق الأقوم (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة), وأن تُعنى بإصلاح نفسك وتعاهدها بالخير والمعروف ولا تقصر في ذلك ولا تتوانى.

وبينت: أن تتعامل مع كل فرد بحسبه فالطفل تبسط له الأسلوب، وتترجم له الأوامر إلى واقع متبع فلا تنهاه عن الأناشيد التي تحوي الدفوف والطبول، وتتركه هكذا بل تدله إلى أناشيد محببةٍ إلى نفوس الأطفال تحمل المعاني الجزلة، والآداب الحسنة بلحن جميل خالٍ من المعازف المحرمة.

وتطرقت إلى أن كثيراً من الأمهات يتحدثن عن الأساليب والطرق التي بها أعود ابنتي وفتاتي على الستر والحياء والفضيلة، وهنا قد نغفل عن أنفسنا ونحن في بيوتنا، فالواحدة قد تتزين لزوجها في بيتها بما هو مباح لها في هذا المقام غير أنه لا يجوز لها خارج هذه الحدود، ولنقل مثلاً أنها ترتدي البنطال عند زوجها فقط (ولنتنبه إلى أمر أنه لا يجوز التساهل في أحكام اللباس عند الخادمة إن وجدت)، وفي المقابل تأمر ابنتها بعدم ارتداء البنطال فكيف لها أن تنصاع لأمرك وأنت تناقضين قولك بفعلك، وإن كان داخل المنزل فقط، فقد تقول لك أمي لا ترتدي البطال لأنه لا ينبغي للمسلمة أن تبدي مفاتنها هكذا فماذا عساك أن تقولي حينئذ وهنا ملفت تربوي وأنه لا ينبغي لك أن تقولي فقط في المنزل اعمل ذلك وخارجه لأنك هنا تعززين عندها مبدأ مراقبة الناس أو ملاحظتكم لأنك ظهرت بمظهر المستقيمة أمام الناس فقط، وهي لما تدرك الفرق بين الوضع هنا وهناك وأمر تنشئة الفتاة على الستر والحياء عزيز فلا تتنازلي عنه بمثل هذا التصرف،، حذار حذار من ذلك.

*تحقيق الاحتساب داخل المنازل

ويقول المربي سعد عامر مؤكداً: حتى نحقق الاحتساب في منازلنا علينا أن نتفق كأزواج الوالدين الزوج والزوجة أو من يربي الناشئة في دور الرعاية أن ينتبهوا جميعاً على أهمية الاتفاق وعدم الاختلاف على التربية كأن يأمر الأب وتخالفه الأم والعكس توجه الأم بما فيه خير ويخالفها الأب، وهذا من سوء الفهم والعناد الذي يكون ضحيته الأبناء فالحذر كل الحذر من هذا التعامل، وعلى الوالدين أن يكونا متفقين أمام الأبناء وأن يتفاهما ويتناقشا فيما قد يختلفون عليه وحدهما في غرفتها الخاصة، أو بعيداً عن فلذات الأكباد حتى لا يكونا ضحية لبعض الأمور الذي قد يظنها البعض بسيطة.

كما على المربين في دور الأيتام ودور الرعاية أن يحرصوا على تربية الأبناء والنزلاء على تقوى الله والاحتساب وليعتبروهم أبناء لهم فليرعوهم حق الرعاية، فهم أمانة ربما أشد من أمانة الأبناء يقول جل وعز: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً} [سورة النساء، الآية: 9].

*مواقف في الاحتساب

• طفلة اعتادت عندما تزور جدتها أن تسمع صوت موسيقى عند بداية نشرة الأخبار فتنصح جدتها بأن تخفض صوت الموسيقى لأن سماعها محرم. مع إلحاح و تكرار الطفلة وبراءتها أصبحت الجدة تحرص على خفض الصوت فكانت الطفلة سبب خير.

• وتلك معلمة لم يكن حجابها ساتراً، جاءتها طالبة وقدمت كلمتها بالثناء عليها وبيان محبتها في قلوب الطالبات وهي في محل قدوة ولم تستطع الطالبة إكمال حديثها الصادق؛ لانهمار دموعها فذهبت تمسح دموعها تاركة معلمتها شاردة الذهن تقبلت المعلمة هذه النصيحة الأخوية وغيرت عباءتها.. فكانت الطالبة مفتاح خير.

• دأبت مجموعة من طالبات المصلى على تدوين الفوائد من الدروس العلمية المقدمة في مصلى مدرستهن، ثم يقدمن هذه الفوائد لأسرهن عندما يعدن إلى بيوتهنّ.

• أقامت لأسرتها حلقة لحفظ أذكار الصباح والمساء أشركت فيها والديها وإخوتها والخادمة، فكانت ثمرتها طيبة إذ تنشغل الأسرة صباحاً ومساءً بالمراجعة والتكرار, هي فتاة في المرحلة الابتدائية!

• تعلمت في مدرستها فضل صلاة الجمعة فصارت محتسبة في بيتها يوم الجمعة توقظ والدها، وتلحّ عليه حتى اعتاد التبكير إلى الصلاة.

• ضمن حملة توعية مكثفة عن الصلاة قامت الطالبات في المرحلة الابتدائية بإعداد عبارات تذكيرية على فواصل أبواب غرف نومهن لحث الأسرة على إيقاظهن للصلاة، مرّ الأب بجوار غرفة نومه ليجد على بابها (فضلاً أيقظوني لأداء صلاة الفجر في وقتها) أثّرت العبارة في نفسه إذ يقصّر كثيراً في صلاة الفجر ويصليها قبل ذهابه لعمله فما كان منه إلا أن اجتهد للقيام للصلاة وأيقظ ابنته للصلاة وصار هذا ديدنه.

*التنوع في التربية على الاحتساب

حين يؤذن بالصلاة: ومن الأفكار في التربية على الاحتساب ما كانت تقوم به إحدى الأمهات بأن يقوم صغيرها بإيقاظ النائمين لأداء الصلاة, فتقول تجدين أن الكبار يستيقظون للصلاة بمعنويات مرتفعة ومحبة لإجابة نداءات الصغير.. بالأخص إن كان دون الثلاث سنوات..

قيام الليل: تقول إحدى المربيات إنها تخصص من أطفالها الصغار كل يوم أحدهم يوقظهم لقيام الليل، وحينما نام عندهم ابن خالتهم لم يدعوه ينام تلك الليلة إلا بعد أن قام يصلي معهم، فكانوا قدوة له والأطفال متفاوتة أعمارهم من 4 سنوات إلى 9 سنوات..

الموسيقى والغناء: حينما يصيح الصغير أغلقوا المذياع فأنا لا أحب الأغاني فيغلق بناءً على طلبه ناتج من حسن تربية الصغير، ومعرفته بحكم سماع الغناء..

أو مباشرة الصغير بإيقاف صوت الموسيقى من التلفاز بنفسه؛ لأن الله أمرنا بتغيير المنكر بأيدينا.

الطفل المربي: أحد الناشئة أثر في أبيه حتى ترك التدخين بحجة، فقد كان يقول لوالده؛ "لا نريد أن نراك وأنت تموت أمامنا".

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook