الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

تعليق على حديث الشيخ القعود في قناة بداية

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

قرأت بعض التعليقات المستهجنة لحديث الشيخ القعود في قناة بداية قبل أن أستمع شخصياً لحديث الشيخ.

ولما سمعت حديث الشيخ وجدت أن المشكلة في حديث الشيخ كانت في تحديد النسبة التي نقلها عن عدد من رؤساء الأندية في بريطانيا والتي كانت تتراوح بين 70-90%. وتحديد النسب أو الإحصائيات يحتاج منا دوماً إذا أردنا المنهجية العلمية إلى التأكد وعدم التعجل، وألا يتم الاكتفاء باعتقادات أو انطباعات البعض، ولذا فإنا إذا تجاوزنا هذه المسألة فسنجد أن حديث منتقديه الذي اطلعت عليه حتى الآن كان بعيداً عن أرض الواقع، ولعلي أبين أولاً أني كنت مبتعثاً سابقاً لتحضير درجة الدكتوراه في بريطانيا من بداية عام 2000 حتى منتصف عام 2003 ميلادي، ولم أنقطع عن بريطانيا أو دول أوروبا بعد تخرجي، فأنا أشارك سنوياً ببحث في المؤتمر الأوروبي للمحاسبة حيث يُعقد كل عام في دولة أوروبية مختلفة، وبعد نهاية المؤتمر فإني أعرّج على بريطانيا لزيارة الأصدقاء والأحبة هناك خصوصاً في مدينة لستر التي يقطنها 250 ألف نسمة وفيها ولله الحمد أكثر من 30 مسجداًاضافة اعلان
وأعود لموضوعي فأقول إنني من خلال تواجدي في بريطانيا أيام دراستي، ثم متابعتي عن كثب لأحوال المبتعثين بعد عودتي عام 2003 وحتى الآن فإني أبين النقاط التالية:

أولاً: لا يستطيع أي منصف أن ينكر تردي حال كثير من المبتعثين من عدة نواحي خصوصاً النواحي الدينية، ويرجع السبب الرئيس في نظري إلى ابتعاث الشباب والشابات صغار السن وأعني بهم مبتعثي مرحلة البكالوريوس الذين لا تتجاوز أعمارهم 18 عاماً، نظراً لقلة وعي الشاب والشابة في مثل هذه السن المبكرة، ولعدم وجود الحصانة الفكرية والثقافية والدينية التي قد تتوافر في من يتم ابتعاثهم للدراسات العليا. كما أنه في الغالب فإن المبتعث في مثل هذه السن لا يكون متزوجاً وهو عامل إضافي يؤثر سلباً على المبتعث من حيث وجود الحصانة والدرع الواقي بإذن الله من فتن الشهوات - وما أكثرها في تلك البلاد - وهو ما يحتاجه أي مبتعث إلى خارج المملكة

ثانياً: عانى برنامج الابتعاث خصوصاً في بدايته من نقطة ضعف خطيرة ألا وهي ابتعاث أكبر عدد ممكن بغض النظر عن مستوى المبتعث الدراسي من خلال معدله في المرحلة الجامعية، وقد رأيت العديد ممن لا أحصيهم ممن تم ابتعاثهم ضمن برنامج خادم الحرمين حفظه الله وكان الكثير منهم ضمن طلابي وكانت مستوياتهم الدراسية متدنية للغاية، هذا وهم يدرسون بلغتهم الأم ويتواجدون مع أهليهم في وطنهم دون وجود الضغوط النفسية والجنسية التي يعانيها المبتعث في الخارج، وأقولها بملء الفم أن من لم يتفوق في بلاده - على أرضه وبين جماهيره - فإنه في الغالب لن يستطيع إكمال دراسته في الخارج بتفوق ونجاح

وإذا أردنا تطبيق فكرة الابتعاث بنجاح فلنعد بها كما كانت في السابق وليقتصر بها على مرحلة الدراسات العليا دون البكالوريوس، وأن يكون معدل المبتعث في مرحلة البكالوريوس لا يقل عن جيد جداً، لأنه قد وُجد غالباً أن المتفوق دراسياً ليس لديه وقت للذهاب إلى أماكن الفساد، حيث العلاقة طردية بين التفوق الدراسي والاستقامة في السلوك وهو ما يؤدي إلى النجاح وإعطاء صورة حسنة عن المبتعث وبلده ودينه، لأن المبتعث إنما هو الحقيقة سفير لبلده وأمته ودينه، وأي خطأ يرتكبه المبتعث فإنه لا يعود عليه إلا في النزر اليسير، ولكن يقع اللوم في الغالب من قبل هؤلاء القوم الغربيين على بلده ودينه، فهم لا يقولون أخطأ خالد أو عبد الله ولكن يقولون السعودية والإسلام، ومن ثم وجبت العناية بهذا الجانب وإيلاؤه أشد الاهتمام فكل مبتعث للخارج فهو سفير لبلده ودينه وأمته قبل أن يمثل نفسه وأسرته وعائلته

وقد تحدثت هاتفياً قبل أسابيع قليلة مع أحد المسؤولين في الملحقية الثقافية بأحد البلاد التي يتواجد فيها آلاف الطلاب والطالبات من أبنائنا وبناتنا، وقد شكوت له ما رأيته وسمعته من حال كثير من المبتعثين في الكثير من البلاد، فقال لي: ما سمعته وشاهدته أقل مما نراه ونلمسه يومياً حيث الحال التي يُرثى لها من هؤلاء المبتعثين الصغار أو ذوي المستويات المنخفضة، حيث يأتي المبتعث وليس في ذهنه شيء سوى العبث لمدة عام ونصف هي المدة المتاحة له لدراسة اللغة الانجليزية ثم بعد إعلان فشله وإلغاء بعثته يقفل عائداً للبلاد لأنه لم يرد إلا هذا حيث لا طموح لديه للتفوق ومزاحمة هؤلاء القوم في تقدمهم العلمي. وأما من احتج بضعف مستوى جامعاتنا المحلية، فالحل لا يكون جزئياً بابتعاث فئة من المجتمع سرعان ما يعودون كما عاد غيرهم ويسايروا الواقع، ولكن الحل الجذري والأكثر شمولية وفائدة يكون في تطوير مستوى جامعاتنا وجلب الكفاءات العلمية لها في جميع التخصصات ووضع معايير لاستلام المناصب الأكاديمية غير العلاقات الشخصية، وبالتالي نساهم في رفع ثقافة الشعب بأكمله في ظل ظروف آمنة مطمئنة لا نخشى فيها على دين أبنائنا وبناتنا وأخلاقهم، فيحصل المقصود ويندفع المكروه، وإذا احتجنا بعد ذلك لابتعاث من يلزم ابتعاثه في مرحلة الدراسات العليا، فليكن ذلك ممن توافرت فيه الشروط العلمية من التفوق الدراسي والثقافة الشرعية والقدرة على تمثيل هذا الوطن الغالي في المحافل الدولية ممن يجعلنا نرفع رؤوسنا به إعجاباً بتفوقه العلمي ومحافظته على قيمه وأخلاقه ودينه

وأخيراً: فقد كان ولا يزال - بشكل أقل - للأندية السعودية في بريطانيا وغيرها من الدول دور كبير في لم شمل الطلاب المبتعثين وأسرهم وأطفالهم من خلال ما تقوم به من برامج اجتماعية وترفيهية لها عظيم الأثر في تجميع المبتعثين مع بعضهم البعض، وعدم انفرادهم بعيدين عن هذا الجو الأسري الرائع، ومن المعلوم أن الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية

وقد كان لي شرف تولي منصب المسؤول الثقافي للنادي السعودي في مدينة لستر من عام 2001 حتى 2002

 ثم رئاسة النادي من عام 2002 حتى 2003 وكنت ألاحظ أن مرتادي أنشطة النادي هم أرباب الأسر والذين لديهم أطفال، أما صغار السن من المبتعثين وكانوا قليلاً جداً في تلك الفترة (حيث يأتون من أرامكو وغيرها) فلم يكونوا يودون التعرف بنا ولا مشاركتنا أنشطتنا الرياضية والثقافية والاجتماعية، بل حتى بعد محاولاتنا للاتصال بهم ودعوتهم للانضمام إلينا، كنا نلاحظ تهربهم من أي ارتباط أو حتى وجود أي وسيلة للتعارف مع أقرانهم السعوديين، وكانوا حريصين على الانفراد في نشاطاتهم، وهذا كله كما أسلفت ما يعزز من خطورة ابتعاث من هم دون مرحلة الدراسات العليا، حيث لا يكون المبتعث حينها قد وصل إلى السن الذي يجعله في مأمن بإذن الله من فتن الشبهات والشهوات التي تعج بها تلك البلاد .

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook