الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

افتراءات المراسلين الغربيين

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

    الباحث في اتجاهات الكتابات الغربية عن السعودية والسعوديين التي تنشرها وسائل الإعلام أو مراكز الدراسات والبحوث يكاد يصل إلى نتيجة حتمية تتعلق بتناولهم لقضايا الدين والمجتمع على وجه الخصوص .اضافة اعلان
   فكثير من هذه الكتابات لا تخلو من حالين :
1- إما أن تكون مبنية في الأساس على معلومات خاطئة ومغلوطة .
2- وإما أن تكون مكذوبة .
   حتى المعلومات المبنية على تصورات خاطئة أو مغلوطة كان أساسها الكذب المتعمد والافتراء المقصود . ذلك أن العملية تبدأ من المراسلين الإعلاميين الغربيين الذين يفدون إلى المملكة لإعداد تقارير عن موضوعات معينة ، ثم يعودون إلى بلادهم فيكتبون ما يخالف واقع مارأوه وشاهدوه ، ويكذبون على من قابلوه من المسؤولين أو العلماء أو المثقفين أو عامة المواطنين .
   يفعلون ذلك عن عمد وسبق إرادة في الكذب والإفتراء والتزوير ، لهدفين رئيسين :
1-  إما بهدف الإثارة الكاذبة ، من خلال عناوين كاذبة تستفز القارئ الغربي أو تجذب انتباهه للقراءة والمتابعة لما ينشر ، أو من خلال رسائل تتضمن معلومات خاطئة ومغلوطة .
2-  وإما لتوافق توجهاتهم الشخصية سياسات المؤسسات الإعلامية التي ينتمون إليها .
   ثلاثة أمثلة في سياقات زمنية مختلفة يمكن ذكرها لتقف شاهداً على ما سبق ذكره ، ومثلها كثير :
1- في حرب تحرير الكويت، قدمت إلى المملكة الكاتبة الصحفية كريستيان أمبور، مراسلة صحيفة كريستيان ساينس موينتور Science Monitor  Christian ، وأعدت تقريراً صحفياً وتلفزيونياً عن الحياة الاجتماعية في المملكة. وبعد عودتها إلى الولايات المتحدة استضافتها قناة ABC التليفزيونية وتحدثت معها عن ( العادات البالية والمتخلفة للمجتمع السعودي) التي لا توافق الثقافة الأمريكية ، وبخاصة في مسائل الحجاب، والاختلاط ، والتعليم . وقالت الصحفية: ( إن هذا المجتمع لا يزال يعيش في القرن السادس عشر الميلادي ).
2- بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تعرضت المملكة ( حكومة وشعباً ومؤسسات ) إلى عاصفة إعلامية غربية أُريد منها خلخلة البناء الديني والاجتماعي في المجتمع السعودي . وحملت كثير من المضامين الإعلامية عن المملكة إساءات مقصودة ، وتشويه متعمد لدينها وثقافتها . بيد أن من الإعلاميين الغربيين من بالغ في النقد السافر بطريقة أحرجت المؤسسات الإعلامية الغربية . من هؤلاء ستيفن شوارتز Stephen Schwartz ، الذي عرف بنقده الدائم لما يسمى ( الأصولية الإسلامية ) ، و( الوهابية السنية ) كما يسميها ، وله فيها كتابات كثيرة ، منها ( هزيمة الوهابية ) ، ( مشكلة الوهابية ) ، وغيرها . وبسبب نقده ( غير المهني والبعيد عن الموضوعية ) للمملكة العربية السعودية فُصل من إذاعة ( صوت أمريكا ) . البعد عن معايير المهنية والموضوعية هو السبب في فصله كما تقول القناة ، لكن ما وراء ذلك هو الكذب والغلو في النقد الجارح الذي عرف به ستيفن شوارتز عندما يكتب عن موضوعات أو قضايا سعودية .
3-  اليوم ، وبدون أية مبررات سياسية تدعو  للكذب والتجني على المملكة ، يأتي إلينا المراسلون الغربيون في زيارات تستهدف إعداد تقارير عن مجتمعنا وقضاياه ، يلتقون بمسؤولين وعلماء ومثقفين ، يحاورنهم ويتحدثون معهم وإليهم ، ثم يعودون فيكذبون في تقاريرهم ويزورون في أقوال من التقوا بهم وتحدثوا معهم . آخر هؤلاء هو مراسل صحيفة الجارديان البريطانية جاسون بورك Jason Burke الذي كتب سلسلة تقارير عن المملكة ، كذب فيها على عدد من العلماء ، متهماً بعضهم بأنه يتحدى سياسة الملك الإصلاحية ، ويتخذ من مسجده الصغير مكاناً لمناوئة خطوات الإصلاح ، ويتهم آخراً بإعجابه بحياة الغربيين إلى حد رضاه عن طريقتهم في شرب الخمر !!
شواهد كذب المراسلين الغربيين في تقاريرهم الصحفية عن المملكة وافتراءاتهم على المسؤولين فيها ، والعلماء ، والمثقفين ، والمواطنين تضيق عن الحصر ، وامتلأت بها أضابير المهتمين والمتخصصين . والمهم أن ندرك أن هؤلاء المراسلين لم يأتوا حباً لبلادنا أو خدمة للسعوديين ، أو البحث عن مادة إعلامية موضوعية وصادقة ، بل هم يرومون تحقيق غايات وأهداف محددة تخدم توجهات شخصية ، أو مؤسسات فكرية ، أو جماعات دينية، أو لوبيات حزبية سياسية .
والسؤال هو: ماذا علينا أن نفعل تجاه الحد من هذا الكذب المتعمد والتشويه المقصود لديننا وحياتنا الاجتماعية الذي دأب المراسلون الغربيون على ممارسته في وسائل إعلامهم؟
تتبادر إلى الذهن خطوات عجلى، أهمها :
1- أن لا نبالغ في الاحتفاء بهم عند قدومهم ، أو أن نمنحهم أهمية أكبر مما يستحقونها. فلم يأتوا لخدمتنا ، بل لتحقيق مصالحهم ، وقد لمست شخصياً أن من بيننا من بالغ في الاحتفاء بهم، وأنزلهم منازل لا يستحقونها ، وبالغ في خدمتهم ، وأظهر لهم مشاعر توحي بنعمتهم علينا، وهي رسالة أوحت لهم بـ (الدونية) التي جعلتهم يكتبون عنا من منطلق معادلة (القوي والضعيف) ، وما تحمله من انبهار الضعيف بشخصية القوي ، وإعجابه به، وخنوعه له!!
2- إذا التقى المراسل الغربي بالمسؤول أو العالم أو المثقف فليشعره أن اللقاء سيكون موثقاً ، وليس بالضرورة أن يعرف المراسل سبب التوثيق ، فهو حق أدبي وقانوني ليس له أن يسأل عن بواعثه أو تفاصيله .
3- إذا انتهى اللقاء ، فلا بد أن يُوحى إلى المراسل - بطريقة لطيفة غير مباشرة - أن تقريره المكتوب عن اللقاء إذا نُشر بطريقة مخالفة للحقيقة فإن المراسل سيخضع للمساءلة القانونية . وهذا حق مقدس عندهم ، فلا يجب أن نتردد في ممارسته كما يفعلون.
4-  يأتي المراسلون الغربيون إلينا وفي جعبتهم حزمة من التهم الجاهزة والأباطيل الكاذبة عن ديننا ومجتمعنا ، فعلى من يحاورهم ويلتقيهم أن لا يقف من إدعاءاتهم موقف المُقرّ بها أو المُبرّر لوجودها ، بل يجب اتخاذ موقف المدافع والمفند للشبهات والأباطيل ، وأن ننتقل إلى مرحلة التنبيه إلى تجاوزات بلادهم في مجالات عديدة وفق ما يقتضيه سياق الحوار معهم.
5-   من المناسب للجهات الرسمية في الدولة ، وبخاصة وزارة الخارجية ووزارة الثقافة والإعلام وهيئة حقوق الإنسان ، والجهات الأهلية مثل المؤسسات الصحفية والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والجامعات ، والأفراد مثل طلبة العلم والمثقفين ، أن تكون لديهم قائمة بأهم ما يردده المراسلون الغربيون من موضوعات وقضايا عند زيارتهم للملكة تتضمن الشبهات والردود عليها .
هذه خطوات مقترحة ، تسهم في تقليل افتراءات المراسلين الغربيين على السعودية والسعوديين ، فالقضية جد هامة ، والتصدي لها همٌّ مشترك ، وذروة سنام ذلك كله الإخلاص في النية والعمل واستشعار المسؤولية الدينية والوطنية .

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook