الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

الجودة بين المطلب الإسلامي والاعتماد الأكاديمي

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

الجودة من (أجاد) أي أحسن.. يقال: فلان تكلم فأجاد، أي تكلم فأحسن.. فلان عمل فأجاد أي عمل فأحسن، وعكسه تكلم فأساء وعمل فأساء• والجودة تعني الإتقان وصولاً إلى التفوق والإبداع.

اضافة اعلان

والجودة تعني السعي لكمال التعبد لله إخلاصاً واتباعاً بإحسان أداء الواجبات الإنتاجية التي يقدمها كل فرد في الجهة التي ينتسب إليها ليكون المخرج كما يحبه الله ويرضى عنه.

لذا نجد الجودة تشمل الأسرة والشارع والمسجد والمدرسة وكل حياتنا حتى رأس الهرم في كل مكان.

إن الجودة أصيلة في ديننا العظيم وهي تعني باختصار الإحسان، قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ. وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ) رواه مسلم، وقال: (لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً تَقُولُونَ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا). والله تعالى يمدح دائماً المحسنين وأنه يحبهم (وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)

ومن أسس الجودة في الإسلام:

القوة في العلم والجسم والأمانة قال تعالى (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ).. : (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ). (...قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ...)

لو وضعنا في كل مرافقنا لوحات تتجدد من الآيات والأحاديث مع شرح ميسر لها وصارت تنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتذكير الدائم وهندسة الوعي المجتمعي من خلالها بالدعاية والتسويق الإبداعي كيف ستكون الجودة والإحسان في حياتنا؟

لنتأمل مثلا هذه العبارات الربانية:

احفظ الله يحفظك.

تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة

(وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا)

إن الله كتب الإحسان في كل شيء

كما تدين تدان

واتقوا الله ويعلمكم الله

وغيرها من العبارات المحفزة والمحركة

أيضاً الجودة تحتاج إلى الاستماع لكل من يقدم مقترحاً نافعاً ولا يرتبط ذلك بمزاج الإدارة وفراغها وتقبلها وهذا يستدعي إنشاء إدارة خاصة لتلقي أفكار المبدعين وبرمجتها في قاعدة معلوماتية مستمرة ليتم التفعيل التدريجي لكل مقترح بالبدء بأكثرهم أهمية

من معاني الجودة المطلوبة:

إلزام كل إدارة بعدم هدم ما بَنته الإدارة السابقة فما يتم حالياً هو استعراض عضلات كل إداري بأن يعمل ويخطط ما يراه ويحبه ثم يذهب وتذهب معه أعماله غالباً إلا ما وافق هوى مَن سيأتي بعده، بل المصيبة العظمى لما تعقد لجان وتوضع المتطلبات ثم يُنقل مشرف اللجنة فجأة لعمل آخر فيتوقف العمل تماماً كأن العالم سيتوقف لذهاب هذا الإداري.

من معايير الجودة تحقيق التشبيك والربط والتنسيق والتكامل الدائم بين إدارات المؤسسة ومناهجها وخططها ولجانها لتتم الفائدة المرجوة وليس كل فريق أيضاً يستعرض عضلاته الوهمية في أنه المبدع فتكثر الأعمال وليست الكثرة علامة للجودة بل قد تكون علامة الفوضى.

ومن الجودة تفرغ رأس الهرم لعمله في هرم المؤسسة بحوافز مادية ومعنوية والتفرغ يتيح له تفرغاً ذهنياً وبدنياً ونفسياً وإدارياً لإحسان عمله؛ لأن كثرة الأعباء الإدارية الأخرى في غير المؤسسة يجعل مهمته إشرافية تشريفية، ولا يدخل إلى عمق العمل ليعطي توجيهاته الجذرية الحاسمة المطلوبة في ذلك الوقت. ويمكنه القيام في وقت فراغه بأعمال تطوعية لا تعيق عمله الرئيس.

ومن الجودة النظر لمبنى المؤسسة ليكون مهيأً لراحة الجميع، فيكون المنتج قوياً وليس ما نعيشه من برودة تكييف قاتلة أو حرارة قاتلة أو منع ضوء الشمس من الدخول فنعيش صباح مساء على الإضاءة الكهربائية، ونجد من سوء المباني أنها صارت أعشاشاً للطيور وجحوراً للفئران.

ولكننا نجد في سبيل الحصول على الجودة:

غشاً واضحاً من البعض، فبسبب الجودة والاعتماد يكون السباقُ والتسابق للحصول عليها، والسؤال أين كنتم قبل ذلك؟ وهل ستستمرون في التحسين بعد ذهاب لجنة الجودة؟

كليات تفتقد سبل السلامة ولما حضرت الجودة وضعوا طفاية الحريق معلقة بعيداً عن الأيدي وبطانية الإطفاء في ركن قَصي فكيف تكون الجودة؟!

مع قدوم لجان الجودة هُذبت الملفات ووضعت اللوحات على القاعات والمكاتب ووضعت جيوب للأوراق.

فيكون لسان حالنا: ليت الجودة تأتي كل يوم

الجودة قادمة والكليات تتسابق لتوفير معامل بمواد منتهية الصلاحية ومعامل لا تكفي العدد المطلوب فتقدم التجارب واللغات شفوياً أو عبر لغة الإشارة أو عبر مقاطع فيديو.

ليت لجان الجودة تأتي كل يوم لنجد المعامل ونجد متطلباتها متوفرة.

تأتي الجودة ومواقع الكليات الإلكترونية شبه متوقفة ومواقع أعضاء التدريس في التعليم العام والعالي شبه متوقفة.

تأتي الجودة وتعليم تقنية تفعيل المواقع متوقف لأن الموظفات لا يعرفن التقنية إلا نظرياً.

والتعليم عن بُعد يتم عبر دورات من غير متابعة لأعضاء التدريس في تفعيله والتشجيع على ذلك، فالموظفات محدودات والمهم عند البعض الحصول على شهادات حضور الدورات.

نأتي لعمادة التطوير والتقنية نجدها تُلقي بدوراتها على شركة خاصة تبحث عن الربح فتقدم دورات أسماؤها براقة ومَن يقدمها قد لا يعرف عنها شيئاً.

تأتي الجودة والسنة التحضيرية تسلم لشركات ربحية تجمع الغثَّ والسمين من الوافدين العاطلين في بلادنا بأرخص الأسعار للتدريس وخريجي جامعاتنا من الحاصلين على أعلى الدرجات العلمية وبامتياز مَلوا وتعبوا من التقديم للعمل ولا مجيب.

تأتي الجودة ونجد تعيين وافدين من غير بلادنا في تخصصات في بلادنا كثر خريجوها المتميزون من الشريعة واللغة العربية والتربية الإسلامية وغيرها، ونحن لدينا الجودة الأعلى في التخصصات الشرعية بالذات بحمد الله.

أيضاً نجد من الجودة أن الكليات تتسابق لتوفير المناهج وتوصيفها وما يتعلق بها فأين حقوق أعضاء التدريس في سكن مجاني أو بأقساط ميسرة للتمليك؟ وأين توفير الحضانات لأطفال الطالبات والأستاذات والموظفات؟ وأين توفير المواصلات الآمنة للجميع؟

أين الجودة عن تأثيرها الحقيقي على الأمن الفكري وقبله الديني أين مخرجات تعليمنا ومؤسساتنا على ما نراه من تفلت في القيم والأخلاق من حجاب وسفور وملابس وتصرفات خادشة لم نكن نراها قبل سنوات قليلة؟

أين الجودة من تعنت جامعاتنا على الابتعاث لأولادنا خاصة الكليات الطبية ومَن يرفض مِن أعضاء التدريس يتحول إدارياً رغم أن التخصصات متوفرة في بلادنا؟ ونجد التعنت ووضع العراقيل لقبولهم في جامعاتنا.

أين الجودة ونحن نجد الطالب ينتقل من جامعة إلى جامعة أخرى في بلاده لظرف الزواج أو العمل فلا تقبل مواده بل يبدأ الدراسة من جديد؟

أين الجودة فيما حولنا وأولادنا في المدارس وخارجها علامة على الفوضى والتخريب المتعمد للمنشآت؟

أين الجودة والبناء المؤسسي لا يقوم على الاستفادة من أهل الخبرة والمتقدمين في العمل بل يعمد لإقصائهم ونجد باب العذر هو أن الاختيار لن يتم عبر الاختيار للأفضل بل عبر التصويت الذي يختلط فيه الصدق بالكذب بالمحاباة وغيرها؟

الكلام يطول على الجودة مما يعني أننا بحاجة لبرمجة شاملة في حياتنا؛ لنعيش الإحسان الحقيقي مع أنفسنا ومع غيرنا. ولن نعدم الخير من أمة الإسلام، فبطون المسلمات حُبلى بالمبدعين المحسنين.

addtoany link whatsapp telegram twitter facebook