الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

كراسي الذهب

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
(جدة غير) شعار ارتبط بعروس البحر جعل منها المدينة المختلفة في كل شئ حتى في فرحة هطول الأمطار، لأن أهلها وبالتأكيد سيختلفون في طريقة الاستقبال، ومن الطرائف إن إحدى السيدات تمنت أن يُعفى أهل جدة من أداء صلاة الاستسقاء، لأن نزول الأمطارعلى أهل جدة عذاب، لأن ذلك يعني فيضانات الطرق، والصرف الصحي، وغرق الأدوار السفلية، وهلم جرا من الخسائر المادية والمعنوية. المحزن في الأمطار أن أضرارها لن تقف عند الطرق والمباني بل ستتعداها إلى أرواح المواطنين الذين قرأوا يوما ما عن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تشكلت في يوم الإثنين من شهر صفر في عام 1428هـ في 19 فبراير عام 2007 م أي منذ ما يقارب الأربعة أعوام، واستبشروا بلجنة تقصي الحقائق التي أعلن خادم الحرمين الشريفين ـ سلمه الله ـ عنها إثر الأضرار الواقعة على جدة العام المنصرف في ذي الحجة عام 1430 الموافق 30 نوفمبر عام 2009م، أي قرابة العام، ولم ينعم المواطنون إلا باسمها فحسب. إن مشكلة أمطار جدة وغيرها لن تحل جذريا بإجلاء السكان الموجودين على مجاري الأودية وإسكانهم في مساكن أخرى، ولا بالمسارعة بإصلاح الطرق، أوتنفيذ مشاريع تصريف سيول الأمطار،ولا بتحرير مجاري السيول بالقنوات المفتوحة أو المغطاة، ولا بالمشروعات الخدمية المتكاملة، ولا بإزالة العقوم الترابية التي تحيط بالأراضي الواقعة في بطون ومجاري الأودية،ولا بمعالجة وضع بحيرة الصرف الصحي، ولا بأمور كثيرة طالما سمعناها وتمنيناها واقعا نعيشه، لكنها ستحل حين نضع أيدينا على السبب الرئيسي لمثل هذه الأعراض التي تنبئ عن أمراض. إن السبب الرئيسي لمشكلة جدة ومشاكلنا التعليمية والصحية والاجتماعية وكافة المناحي الحياتية، تكمن في ضياع الأمانة، أو تضيعها، اللهث الشديد للحصول على كراسي الذهب لحصد الامتيازات وتضخيم الأرصدة وجني الثمرة قبل سن التقاعد، لأن كراسينا غير قابلة للتدويل بل وحتى التحويل، فبمجرد ما يصل (سين) من الناس إلى المنصب سيلهث لمصالحه الشخصية لأن المواطن ليس من دائرة الاهتمامات اللهم إلا في اللقاءات الإعلامية والأخبار المفتوحة، وسيسعى بالطبع لتوريث المنصب لمن يروقه بعده، ليكون صاحب اليد البيضاء عليه وبالطبع لن يرفض له طلبا إن احتاجه، ولتبقى خيرات هذا الكرسي له ومن يعز عليه. إن المشكلة الحقيقة للمواطن تكمن في تغييب قانون( من أين لك هذا؟) الذي استخدمه رسول الله كشرع إداري لمحاسبة موظفيه أمام العامة في خطبة استمع إليها الصغير قبل الكبير ليترسخ مفهوم الأمانة في نفوس الناشئة قبل الكبار، وفي صحيح البخاري أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ عَامِلًا فَجَاءَهُ الْعَامِلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي. فَقَالَ: لَهُ أَفَلَا قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لَا؟ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلَاةِ فَتَشَهَّدَ، وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ :أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ الْعَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَنَظَرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لَا، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَغُلُّ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ إِنْ كَانَ بَعِيرًا جَاءَ بِهِ لَهُ رُغَاءٌ وَإِنْ كَانَتْ بَقَرَةً جَاءَ بِهَا لَهَا خُوَارٌ وَإِنْ كَانَتْ شَاةً جَاءَ بِهَا تَيْعَرُ فَقَدْ بَلَّغْتُ" لقد حاسب رسول الله ابن اللتبية حسابا جماهيريا في خطبة حضرها جم غفير من أصحابه وحفظوها وتناقلوها، لأنه يؤمن أن هذا المجتمع الصغير سيكبر وأن أحد الأفراد الحاضرين اليوم سيكون مسئولا في الغد، وأن حساب ابن اللتبية سيتكرر عليه، فكانت تربية عادلة للكبير والصغير، وقد سلك الخلفاء الراشدون بعد رسول الله هذه السياسية الإدارية العظيمة التي تستلزم محاكمة موظفي القطاع العام الذي أصبح (البخشيش) جزءا لايتجزأ من مدخولاتهم الوظيفية إلا من رحم الله، لقدتحدث رسول الله عن قواعد الخدمة المدنية في مجتمع ناشئ صغير كان الجوع يحتاطه، لكنها السياسية المحمدية الصالحة لكل زمان، ولقد صور رسول الله العذاب الشديد لمن تلقى بعيرا أو شاة رشوة ، فما حال موظفي اليوم إذا جاء مع أحدهم أسطولا من السيارات الفارهة والمباني الضخمة والأرصدة المفتوحة والأراضي الشاسعة، في حين أنه لم يتمكن من سداد الأقساط المتراكمة قبل توليه، فالويل لمن غل مال الوطن، وكيف سيحمل على ظهره هذه الأدوار الشاهقة؟ إن شريعة(من أين لك هذا) تتغيب في الدول الإسلامية مع أن الذي أسسها رسول الإسلام، وتراها متبعة بدقة وصرامة في الدول غير المسلمة على المسؤولين كبيرهم قبل صغيرهم، وعادة ما يحتم هذا القانون على المسؤول تسجيل ما يملك قبل توليه منصبه من ثروة أيا كان نوعها ثم يحاسب بعد تركه المنصب ـ أو أثناء توليه المنصب، على أي زيادة غير عادية في ثروته، وأحيانا ثروة أقاربه من زوجة وأولاد، وإخوة، وأخوات. اللاهثون خلف كراسي الذهب إن لم تحيا ضمائرهم بمراقبة الله، لنحييها بإحياء شرعة (من أين لك هذا؟ ) [email protected] اضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook