الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

سفينة العاطلين

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
تقول بعض الإحصاءات إن عدد العاطلين عن العمل في بلادنا من الشباب يفوق الأربعمائة وخمسين ألفا , وهذه الإحصائية لا يمكن أن تكون حقيقية لأن مشاهداتنا اليومية من أبنائنا العاطلين تؤكد أنهم أكثر بكثير من نسبة الواحد في الواحد في المائة التي يشير إليها هذا الإحصاء . واستمرارا لما بدأناه في المقالات السابقة من مناقشة معالم بيئة الفقر ,أقول إن البطالة أحد أهم معالم هذه البيئة الوبيئة رغم أن الفقر في بعض الأحيان قد يوجد دون أن تكون البطالة سابقة له لكنه ناتج حتمي للفقر حين يوجد وسبب أصيل من أسباب استمراره ونموه في المجتمعات . والبطالة في عصرنا الحاضر لها أسبابها الحديثة التي لا يمكن الاستعانة بالتجارب التاريخية لعلاجها ذلك أن صورتها المعاصرة كونها إحدى مخلفات الآلة الرأسمالية التي سادت العالم في القرن الأخير وليست ناتجا تقليديا لقلة العمل ووفرة اليد العاملة كما كانت في العصور الماضية . البطالة اليوم ناتج حديث لعدد من العوامل التي لم تكن في التاريخ القريب والبعيد كالفيضان البشري من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية , وهو فيضان ناتج أيضا عن عدد من قذارات الرأسمالية كالاستغلال البشع من الدول الصناعية لثروات الأمم الفقيرة , والهيمنة التجارية من الشركات العملاقة على كثير من أمم الأرض والإجهاض السياسي من قبل الدول النافذة لكل مطالب الاستقلال الحق ثقافيا واقتصاديا . ومن موجدات البطالة أيضا انشغال رأس المال العالمي باستثمارات الربح الآمن الذي لا يؤدي إلى تنمية حقيقية كالفائدة الربوية والاستثمار العقاري في الأراضي الخام أو المشاريع السياحية والإعلامية وغيرها مما لا يوجد الاستثمار فيه فرصا لاستيعاب الطاقة البشرية الموجودة في العالم . وكل هذه الأسباب ليست خاصة ببلادنا بل هي مشاهدة في جميع بلاد العالم , كما أن مصادرها ليست محلية بالكامل . ولأن الحلول التي نقرأ عنها في صحافتنا المحلية لهذه المشكلة بل والحلول التي تقدمها دول العالم لشعوبها في الغالب مقتصرة على الحل الداخلي دون النظر إلى أبعاده العالمية لم يُشاهد العالم دولة استطاعت اقتلاع هذه المشكلة من جذورها حتى اليوم بما في ذلك الدول الصناعية ذاتها والتي دأبت على تسكين هذه المشكلة بمسكنات مُكلفة جدا لكنها لا تقدم العلاج النهائي . وللأسف فإنني لم أقرأ حتى الآن فيما تنشره صحافتنا من أخبار عن تطورات الحل لهذه المشكلة في وزارة العمل السعودية وغيرها من الوزارت المعنية ما يمكن أن يُقال عنه إنه محاولة على أقل تقدير لسبر الأسباب العالمية لهذه الظاهرة الدولية لاستئصالها من جذورها . كل الحلول تدور على لوم الشباب على عدم رضاهم بالأعمال التي تشغلها العمالة الوافدة , ولوم الأهل على تقصيرهم في تربية أبنائهم تربية تحث على العمل الشريف حيثما كان , إضافة إلى مشاريع إحلال فاشلة للعمالة السعودية مكان العمالة الوافدة , يدلنا على فشلها أن كبار المسئولين فيما يخصهم من شركات ومنشئات في طليعة من يقدمون العامل الوافد على المحلي , ولك أن تزور منشأة يملكها أحد المسئولين لتقدر حجم النفاق الذي يمارسه بعضهم في مناداتهم بما يُسمونه السعودة . إن الأموال الناشطة في سوق العقار الخام والتي جعل تداولها له سعر التراب أغلى من التبر وجعل ستين في المائة من المواطنين لا يملكون في أوطانهم بيوتا , هذه الأموال يمكن أن يَسعى صاحب القرار إلى توجيهها إلى المجالات التنموية المَخُوفة عن طريق فرض الأنظمة التي تؤمن مثل هذه المشاريع حتى يُقبل عليها صاحب المال . وقل مثل ذلك في الأموال المدخرة في البنوك المحلية والأجنبية , نعم البنوك الأجنبية التي كشفت أحداث الحادي عشر من سبتنبر أن عشرها وحده كاف لو نزل في ساحتنا واستخدم في مجالات التنمية الحقة لأحدث في بلادنا نقلة نوعية بكل ما تعنية الكلمة من معنى . وقل مثل ذلك في كثير من المشاريع السياحية والتي أثرت سلبا على مستوى السياحة المحلية حيث جعلتها أكثر تعقيدا وأكبر كُلفة , ولو أنها خاضت ميدان التنمية بأنواعها لكان لنا ولها شأن آخر . آذانا كثيراً أن أول سيارة من تصميم سعودي لم تجد صانعا محليا إلا بالكاد وعلى استحياء وفي مشروع لا زال يكتنفه الكثير من الغموض . ولو أن تلك الأموال المجمدة في العقار ونحوه كانت في سوق التنمية لما كانت هذه السيارة أو إنتاجنا . اضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook