الثلاثاء، 14 شوال 1445 ، 23 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

الشعب يريد الدين لله

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
مع مطلع هذا العام قضى الله – سبحانه وتعالى – أن تجتاح المنطقة العربية عواصف شديدة، وزلازل عنيفة من الثورات الشبابية، والمؤامرات الإلكترونية، بعد عقود من الخضوع والخنوع. وكان اللافت في الثورات والمؤامرات تلك الشعارات الرنانة، والصيحات الحنانة التي رددها المتظاهرون في الميادين العامة، ومن أشهرها : الشعب يريد إسقاط النظام. الشعب يريد إسقاط الرئيس. الشعب يريد إصلاح النظام. الشعب يريد محاكمة السفاح. الشعب يريد كرامة وطنية. ولكن عندما نُقيم هذه الشعارات من منظور إسلامي، ونقيسها بميزاننا الشرعي، نجد أنها لا ترتقي إلى المستوى المطلوب لأمة نزل القرآن الكريم بلسانها، وأرسل الله لها خير رسلها. ففي العالم الإسلامي يوجد ما يزيد عن مئة ألف ضريح تُقدم لها شعائر العبادة من نداء ودعا وذبح ونذر واستغاثة واستعانة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولو سألنا هؤلاء الشباب المعتصمين في تلك الميادين عن خطورة الأضرحة الوثنية، والقبور الشركية في بلدانهم لعدوها من المسائل الهامشية التي لا ينبغي أن تكون في الأولويات الضرورية. ونظرة سريعة إلى سيرة رسولنا – صلى الله عليه وسلم –، وما أعلنه من شعارات راقية، وما قدمه من ممارسات عالية، نجد أن الغاية المنشودة والمطالب المقصودة أن يكون الدين كله لله، فإذا استوعبت الشعوب العربية والإسلامية هذه الغاية، فإن الله - تعالى – سوف يُزيل عنها جميع العوائق الأرضية، ويُمكّن لها الاستقرار في الحياة الدنيوية، ويجعلها خير أمة أُخرجت للبشرية. ومن أعظم ما جاء في السيرة النبوية : 1. وقف الرسول – صلى الله عليه وسلم – ذات يوم على نفر من سادات قريش، وقال لهم : (كلمة واحدة تعطونيها تملكون بها العرب، وتدين لكم بها العجم)، فقال أبو جهل : نعم وأبيك وعشر كلمات، فقال : (تقولون لا إله إلا الله وتخلعون ما تعبدون من دونه). 2. ولما أرسلت قريش مندوبها عتبة بن ربيعة للتفاوض مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم –، قرأ عليه آيات من كتاب الله، ومن أهم ما جاء فيها، قوله – تعالى - : (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ) <فصلت : 6>. 3. وكان – صلى الله عليه وسلم – في طريقه إلى الطائف كلما مر على قبيلة دعاهم إلى الإسلام، ولما انتهى إلى الطائف عمد إلى رؤساء ثقيف، فجلس إليهم ودعاهم إلى الله. 4. وفي دعوته - صلى الله عليه وسلم – القبائل، دعا بنو عبد الله من بني كلب، وقال لهم : يا بني عبد الله، إن الله قد أحسن اسم أبيك، ثم دعاهم إلى الإسلام. 5. ولما دعا بني عامر بن صعصعة إلى الإسلام كادوا أن يُسلموا ولكنهم اشترطوا أن يكون الأمر لهم، فأجابهم : الأمر إلى الله، يضعه كيف يشاء. 6. ولما قابل الرسول - صلى الله عليه وسلم – سويد بن الصامت، وكان معه صحيفة لقمان، وعرضها على الرسول، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : هذا كلام حسن، والذي معي أفضل من هذا، قرآن أنزله الله – تعالى -. 7. وعندما قابل الرسول - صلى الله عليه وسلم – وفد الأوس، جاءوا يلتمسون الحلف مع قريش على الخزرج، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – : أنا رسول الله، بعثني إلى العباد، أدعوهم أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً. 8. وعندما أراد الرسول - صلى الله عليه وسلم – أن يُكاتب الملوك والأمراء، كانت الدعوة التي وجهها إليهم : أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين. 9. ‏وفي حجة الوداع وقف - صلى الله عليه وسلم – وألقى خطبة عظيمة، ومن أهم ما جاء فيها : ‏(‏أيها الناس، إنه لا نبي بعدي، ولا أمة بعدكم، ألا فاعبدوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم، طيبة بها أنفسكم، وتحجون بيت ربكم، وأطيعوا أولات أمركم، تدخلوا جنة ربكم‏)‏‏.‏ 10. ولما بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم – معاذاً إلى اليمن، كان أول ما قال له : (إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله). هذا هو المطالب الوحيد والمقصد الشريف الذي يجب على الشباب أن يُسخروا حياتهم لتحقيقه، كما يجب على الشيوخ أن يتابعوا تنفيذه. ولنتأمل قول عالمين جليلين من علماء الإسلام، سخرا حياتهما فداء له، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في مجموع الفتاوى : (أَصْلُ ذَلِكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ جَمِيعَ الْوِلايَاتِ فِي الإِسْلامِ مَقْصُودُهَا أَنْ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ؛ وَأَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا؛ فَإِنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - إنَّمَا خَلَقَ الْخَلْقَ لِذَلِكَ وَبِهِ أَنْزَلَ الْكُتُبَ وَبِهِ أَرْسَلَ الرُّسُلَ وَعَلَيْهِ جَاهَدَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ، قَالَ اللَّهُ – تَعَالَى - : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) <الذاريات : 56>). وقال العلامة ابن القيم – رحمه الله – : كلمة التوحيد : هي الكلمة التي قامت بها الأرض والسموات، وفطر الله عليها جميع المخلوقات، وعليها أسست الملة، ونصبت القبلة، وجردت سيوف الجهاد، وهي محض حق الله على جميع العباد، وهي الكلمة العاصمة للدم والمال والذرية في هذه الدار، والمنجية من عذاب القبر وعذاب النار، وهي المنشور الذي لا يدخل الجنة إلا به، والحبل الذي لا يصل إلى الله من لم يتعلق بسببه، وهي كلمة الإسلام، ومفتاح دار السلام، وبها انقسم الناس إلى شقي وسعيد، ومقبول وطريد، وبها انفصلت دار الكفر من دار الإيمان، وتميزت دار النعيم من دار الشقاء والهوان، وهي العمود الحامل للفرض والسنة، (ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة). اضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook