الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

مقترحات للوقاية من الفساد

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

                                   * *اضافة اعلان
 *الفساد كلمة ذات دلالة عريضة تدل على كل خلل مقصود، سواء أكان في الأخلاق
والآداب أم الأموال أم الإدارة أم غيرها، لكنه وفقاً للاصطلاح الإعلامي العالمي
المعاصر أصبحت دلالته قاصرة على الخلل المقصود في مجال الإدارة المالية
للمؤسسات العامة والخاصة، والواضح من قرار مجلس الوزراء رقم 165 وتاريخ 28/ 5/
1432هـ، أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في المملكة معنية بمكافحة الأخطاء
المقصودة في مجالي الإدارة والمال في المؤسسات العامة والخاصة التي تمتلك
الدولة منها 25 في المائة، فأعلى.ومن نافلة القول، أن نشيد بإنشاء هذه الهيئة
كخطوة رائدة في مجال الإصلاح، لكن بنود تنظيمها السبعة عشر تفيد بمجموعها أن
عمل الهيئة سيقتصر على معالجة الفساد في حال ظهوره أو على أفضل الأحوال ظهور
بوادره، وبمعنى آخر لن يكون مناطاً بالهيئة عمل الإجراءات الوقائية من الفساد،
وحسب علمي فإنه لا يوجد أي تنظيم للوقاية من الفساد قبل حدوثه، الأمر الذي يعني
لي أن الفساد لن يتم اجتثاثه من بلادنا، لأن الفاسدين سيقومون بعد قيام هذه
الهيئة بمهامها باستحداث تكتيكات تضمن نقاء صحائفهم أمام أي مسائلات تقوم بها
الهيئة حال تبليغها بأي وسيلة من الوسائل عن وجود فساد في جهة ما. *
                                      **
*ولهذا فإن نشاط الهيئة سوف يقابله حتما نشاط من قبل الفاسدين في استحداث أو
ابتكار وسائل جديدة لإخفاء جرائمهم أو إخلاء مسؤولياتهم عند الملاحقة
النظامية.لهذا فإن إصدار تنظيمات جديدة تضمن الوقاية من الفساد المالي والإداري
ستجعل عمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أكثر سهولة كما أنها ستؤدي إلى تقليص
كبيرٍ جداً في حجم الفساد بل ربما إلى اقتلاع جذوره من بلادنا. فلا يوجد في
المملكة مثلاً نظام يُحدد معايير اختيار الوزراء ونواب الوزراء وكبار موظفي
الدولة، سواء أكانت معايير عامة تنطبق على جميع الوزراء وكبار المسؤولين، أم
خاصة تحدد مواصفات خاصة بالمسؤول في كل دائرة بعينها، ولا أشكُ أن وجود مثل هذا
النظام وتفعيله إجراء وقائي يكفل تقليل فرص تعيين غير الأكفَاء في وظائف الدولة
العليا.كما لا يوجد نظام يحدد ماهية اللجان التي تقوم بترشيح هؤلاء الموظفين
للقيادة السياسية، وأيضا لا يخفى أن إيجاد مثل هذه اللجان وتحديد مواصفاتها
وكيفية تشكيلها، سوف يقلل كثيراً من نسبة الخطأ في تعيين رجالات الدولة، لاسيما
حين تتكون من أكفأ المختصين علمياً وإدارياً في المجال الذي يُراد تعيين
قياداته الوظيفية. *
                                 **
*وفي بلادنا أيضا يتم تعيين القيادات الوظيفية قبل أن يُطلب منها كتابة
برنامجها العملي الذي يُمكِنُها أن تقوم بتنفيذه في الفترة الزمنية التي رُشحت
لها، وبرامج المرشحين حين تقوم اللجان المتخصصة بدراستها فإنها تُقدم صورة أكثر
دقة لهذا المرشح من حيث نظرته وقدراته العلمية والإدارية بل والعقلية أيضا.
فضلاً عن ذلك فإن البرنامج العملي يُمكن أن يُؤخذ كوثيقة يُعتمد عليها في
متابعة إنجاز هذا المسؤول وتقديم تقرير عنه لدى القيادة السياسية لاتخاذ قرار
مناسب فيما إن كان يستحق الاستمرار في أداء واجبه، وذلك حين يكون إنجازه
الواقعي مقارباً لما حدده في برنامجه العملي، أم أنه يُقترح إعفاؤه حتى قبل
إتمام فترته الأولى وذلك فيما إذا ثبت عجزه في فترة مناسبة عن أداء نسبة
تقاربها من برنامجه الذي قدمه عند ترشيحه، أم أنه ينبغي التجديد له في حال ثبت
نجاحه في مقاربة ما تبناه في ذلك البرنامج أو التفوق عليه.وبالرغم من جسامة
العمل الوزاري وما في حكمه إلا أن الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة لا يُشترط
فيهم واقعيا التفرغ لأداء العمل الذي أُنيط بهم، وفي هذا مفارقة كبيرة جداً حيث
تُشدد الأنظمة على منع ممارسة صغار الموظفين لأي عمل تجاري خاص أو الجمع بين
الوظيفة الحكومية والأهلية، بل حتى ممارسة المحاماة أو الترافع بطريق الوكالات
الشرعية يُمنع منهما الموظف الحكومي الصغير، وذلك حرصاً من المُنَظِّم على ضمان
نزاهة الموظف وولائه التام لوظيفته الحكومية. *
                                 **
*والأمر المشاهد أن كبار الموظفين أكثر حاجة إلى التفرغ لوظائفهم والولاء
لمناصبهم الحكومية، وهم كذلك أكثر عرضة لما يُعكر على النزاهة من الإغراءات
المادية والإملاءات الإدارية من سواهم ممن هم دونهم في المسؤولية. وهنا تظهر
المفارقة جلية حين نجد أن بعض كبار المسؤولين في بلادنا يقودون شركات عملاقة،
وتمتلئ سيرهم الذاتية بالكثير من المهام التي يشغلونها، ليس خارج نطاق إداراتهم
الحكومية وحسب بل خارج نطاق العمل الحكومي بأسره وربما خارج الدولة بأكملها.
الأمر الذي يجعل عملهم في أجهزتهم لا يتجاوز حد وضع السياسات العامة والإشراف
على سير العمل عن طريق تقارير الوكلاء والمدراء العامين، وهم يحتجُّون لذلك
بنظرية الإدارة الأفقية التي تتلخص في إعطاء الصلاحيات والاكتفاء بمتابعة تنفيذ
البرنامج العملي للمؤسسة عبر متابعة تقارير الإنتاجية. والواقع أن معايير
الإدارة الأفقية الناجحة لا تنطبق على أساليبهم القيادية لأن أكثر ما يقومون به
هو نقل المركزية منهم إلى نوابهم وهذا ما يُمكن أن يُصنف لدى الخبراء في علم
الإدارة بالاتكالية التي تفاقم من خطر المركزية وتسهل مسيرة الاختراقات
النظامية وربما مسيرة الفساد المالي والإداري.المهم أن كل ما تقدم هو من
الإجراءات التي تقف في وجه الفساد قبل حدوثه أو على أقل تقدير تحول دون وصوله
في المجتمع إلى مستوى الظاهرة التي تصبح حديث المجالس ولا يخفى وجودها على فرد
من أفراد المجتمع وهذا ما نشاهده اليوم حيث أصبح الفساد مادة خصبة للحديث بين
الناس ولم يعد وجوده في حاجة إلى برهان بعد إقرار خادم الحرمين الشريفين بوجوده
ضمنياً حين أمر بإنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد وإصدار تنظيم لها*
                                 * *

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook