السبت، 11 شوال 1445 ، 20 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

المقاطعة الاقتصادية.. صفعة على وجه التدخلات الإيرانية

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تقرير – حسن الزيد:

اضافة اعلان

تعرف المقاطعة الاقتصادية على أنها عملية التوقف الطوعي عن استخدام أو شراء أو التعامل مع سلعة أو خدمة لجهة كشركة أو دولة تُسيء أو تُلْحق الضرر به أو بغيره كشكل من أشكال الاعتراض والاستنكار.

 

وقد تعددت وتنوعت أشكال المقاطعات الاقتصادية من قبل الدول العربية تاريخيا سواء بالنسبة للشعوب أو الحكومات، ففي عام 1922 قاطع أهل فلسطـين السلع الإسرائيلية وذلك ردا على مقاطعة للسلع العربية.

وفي عام 1945 بدأ تاريخ المقاطعة العربية لإسرائيل رسميا عندما اتخذت جامعة الدول العربية قرارات وتوصيات بضرورة المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، واعتبرته عملا دفاعيا مشروعا وإحدى الوسائل التي يستخدمها العرب ضد الاعتداءات الواقعة عليهم من إسرائيل ووقاية للأمن القومي العربي.

وفي عام 1951 أنشأت جامعة الدول العربية جهاز المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل الذي عمل بكفاءة وفاعلية وقد تم تشكيل لجنة دائمة للمقاطعة بدلا من اللجنة المؤقتة لمتابعة تنفيذ قرارات المقاطعة وما زال هذا المكتب يعمل حتى الآن.

ومن النقاط المضيئة للمقاطعة أيضا، قيام الملك فيصل بن عبدالعزيز، عليه رحمة الله، بالمقاطعة الاقتصادية، في أعقاب حرب 1967 وحرب 1973م، فبعد يومين من نشوب الحرب الأولى، أعلن حظر البترول السعودي عن بريطانيا والولايات المتحدة، وعلى إثر نشوب حرب 1973م تزعم حركة الحظر البترولي الذي شمل دول الخليج، فكان لهذا الحظر أثره في توجيه المعركة.

 

كما قامت الشعوب العربية، في السنوات الماضية، بمقاطعة المنتجات الأمريكية والإسرائيلية تضامنا مع فلسطين والعراق. وعمدت الدول الإسلامية لمقاطعة الدنمارك بعد الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم.

وكانت غرفة تجارة وصناعة البحرين قد دعت مواطني دول مجلس التعاون الخليجي لمقاطعة البضائع الايرانية ووقف المعاملات المالية مع طهران متهمة إياها بالتدخل في شؤون البلاد.

وقد أدانت غرفة تجارة وصناعة البحرين التدخلات الإيرانية السافرة في شئون مملكة البحرين وعدم احترامها لاستقلاليتها."

وقالت الغرفة في بيان لها، "نتيجة لما ثبت من تدخل إيراني سافر وواضح في الأحداث المؤسفة التي شهدتها البلاد مؤخراً ومحاولة زرع الشقاق والفتنة بين أبناء الوطن الواحد والتحركات الايرانية لتصعيد الأزمة في البحرين والتحريض ضدها واتصالاتها المستمرة مع عدد من الجهات الدولية لمحاولة إعادة الأزمة إلى البلاد فان غرفة تجارة وصناعة البحرين من هذا المنطلق تدعو جميع التجار وأصحاب الأعمال والشركات والمؤسسات البحرينية لمقاطعة البضائع والمنتجات ووقف التعامل مع التجار الإيرانيين سواء بالاستيراد أو التصدير بالإضافة إلى المقاطعة المالية والبنكية من خلال عدم التعامل مع البنوك والشركات المالية الإيرانية."

كما دعت الغرفة دول مجلس التعاون الخليجي وكافة الاتحادات والغرف التجارية والصناعية في الدول العربية إلى التضامن معها وسرعة التحرك في إصدار دعوات مماثلة لمقاطعة التجار والبضائع الإيرانية والفعاليات والمعارض والتعاملات المالية تضامنا مع البحرين ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربي."

من جانبه دعا الشيخ الدكتور عبد اللطيف المحمود رئيس تجمع الوحدة الوطنية في البحرين، والذي يضم مختلف أطياف المجتمع، إلى قطع العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها بلادهم. وتستورد البحرين بشكل أساسي المواد الغذائية بما في ذلك الفواكه المجففة والحلويات والمكسرات من إيران.

 

البرلمان البحريني يوافق على المقاطعة

وقد وافق مجلس النواب البحريني على مقترح الغرفة التجارية الصناعية بالبحرين والذي يقضي بمقاطعة المنتجات والبضائع الإيرانية، وتم رفع المقترح إلى الحكومة البحرينية.

وطلب المجلس، في حينها، من وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة الحضور لجلسة مجلس النواب المقبلة أو أحد اجتماعات لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني، للتباحث واستعراض الخطوات التي سيتم اتخاذها في هذا الخصوص من قبل وزارة الخارجية، وبشأن تجاوزات بعض السياسيين الإيرانيين، وبيان موقف دول مجلس التعاون الخليجي تجاه تلك التجاوزات الإيرانية في الشؤون الداخلية للبحرين.

مقاطعة البضائع الإيرانية.. والبدائل المطروحة

من ناحية أخرى، رحب رجال الأعمال في البحرين بالخطوة التي دعت إليها غرفة تجارة وصناعة البحرين في مقاطعة البضائع الإيرانية، معللين ذلك بالانتهاكات السافرة التي قامت بها إيران وتعديها على سيادة المملكة لأراضيها.

وأوضح عدد كبير من المختصين باستيراد البضائع الإيرانية على أن التعامل التجاري بين مملكة البحرين وإيران يأتي في حيز محدود جدا متمثل في توريد المكسرات وعدد من الحلويات ما يؤكد سهولة الحصول على بدائل من دول أخرى سواء عربية أو أجنبية. وأشاروا إلى أن السوق السعودي يعد في المرحلة الحالية من أبرز الأسواق في المنطقة ويمكن أن تسد النقص الذي قد يحصل جراء مقاطعة البضائع الإيرانية ، داعين إلى النظر في قطع العلاقات الاقتصادية مع إيران من اجل تسجيل موقف اكبر.

من جانبه قال رجل الأعمال وعضو غرفة صناعة وتجارة البحرين صقر شاهين أن غرفة تجارة وصناعة البحرين ستعقد اجتماعاً في القريب العاجل وسيتم دعوة رؤساء الغرف الخليجية وسيكون من أبرز المواضيع المطروحة في الاجتماع دعوة هذه الغرف إلى التضامن مع دعوة البحرين الرامية إلى مقاطعة المنتجات الإيرانية.

وبين شاهين أن البحرين تستورد من إيران المواد الغذائية مثل الحلويات والمكسرات وبعض أنواع الفواكه فقط، لذا فإن هناك بدائل عديدة لهذه المنتجات من دول أخرى أبرزها تركيا، مصر، وسوريا.

وعلى صعيد متصل أشار شاهين إلى أن حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران يزيد عن 4.2 مليارات دولار.

وأكد أن «وقف استيراد منتجات هذه الدولة مؤثر في الأسواق المحلية، فإننا كتجار وصناع قرار لابد من أن نقف ضد أي تدخل سافر في شأننا الداخلي».

وبين شاهين أن إيران هي السوق المتضرر خاصة إذا فقدت أسواق الخليج، معللا قوله بأن إيران لديها عداوات مع جميع أو أغلب دول العالم بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي الواقع عليها.

ودعت غرفة تجارة وصناعة البحرين جميع التجار وأصحاب الأعمال والشركات والمؤسسات البحرينية إلى مقاطعة البضائع والمنتجات الإيرانية، ووقف التعامل مع التجار الإيرانيين سواء بالاستيراد أو التصدير، بالإضافة إلى المقاطعة المالية والبنكية من خلال عدم التعامل مع البنوك والشركات المالية الإيرانية. كما دعت غرف دول مجلس التعاون الخليجي والاتحادات والغرف التجارية والصناعية في الدول العربية كافة إلى التضامن معها.

وقال رجل الأعمال عبدالحكيم الشمري «إن ما قامت به الغرفة من دعوة إلى مقاطعة البضائع الإيرانية عبر وسائل الإعلام المقروءة هي خطة ضرورية كرد على ما يصدر من إيران من تصريحات وتصعيد حول التوترات الأخيرة في مملكة البحرين، ومهما بلغت الأضرار الاقتصادية جراء هذا القرار إلا أنه لا يمثل شيئا مقارنة مع الخطر الذي تمثله إيران على مملكة البحرين، كما ان المنتجات التي تقوم إيران بتصديرها إلينا أغلبها متوفرة لدى دول أخرى وبأسعار مغرية».

وأضاف الشمري «إنني كرجل أعمال أطالب القيادة الرشيدة بأن يكون موقفها متوافقا مع توجه غرفة التجارة بحيث يتم بحث قرار منع البضائع الإيرانية بشكل مباشر أو عن طريق دول أخرى وذلك بالتنسيق مع منظومة دول مجلس التعاون الخليجي لاتخاذ نفس الخطوة».

إلى ذلك ذكر رجل الأعمال والرئيس التنفيذي لشركة أبناء حسن للخضار والفواكه إبراهيم الأمير أنه «لا تأثير على السوق البحريني من مقاطعة المنتجات الإيرانية، خاصة فيما يتعلق بالخضروات والفواكه إذ إن إيران بلد لا يعتمد عليه اعتمادا كاملا في الاستيراد خاصة ان إيران في الـ 10 سنوات الماضية كانت تعاني من قلة في عملية الاستثمار الزراعي، لذا فإنها لا تستطيع التصدير بشكل كامل».

وبين الأمير أن هناك أسواقا يمكن الاستيراد منها كبديل لإيران وهي أسواق ذات منتجات عالية الجودة مثل أسواق الصين، تركيا والأسواق الأوروبية، بالإضافة إلى سهولة الاستيراد من هذه الأسواق بالنسبة للبحرين.

وقال رجل الأعمال حازم جناحي: لو أردنا قياس التأثير الاقتصادي المترتب على مقاطعة البضائع الإيرانية سنجد أنه محدود جدا غير أن هذا التوجه يصنف كتسجيل موقف تجاه التدخلات الغير منطقية من قبل إيران في شؤون مملكة البحرين كون ما قامت به إيران يشكل تهديدا على أمن منطقة الخليج ككل، غير أننا كتجار لنا تعاملاتنا فإننا نريد أن تكون هناك دعوات لمبادرات شعبية تعمل على قطع العلاقات الاقتصادية مع إيران من أجل التأكيد على مبدأ رفض الانتهاكات الإيرانية لمبدأ سيادة المملكة على أراضيها.

ومن ناحيتها، أكدت سيدة الأعمال أحلام جناحي أن «ما قامت به الغرفة من توجيهات بمقاطعة البضائع الإيرانية تأكيد على ولاء الغرفة ومنتسبيها للقيادة ووقوفهم التام إلى جانبهم وأنا أرى أنها خطوة ايجابية ليس لها تأثيرات أو انعكاسات على الاقتصاد البحريني كون البضائع التي تردنا من إيران عبر الاستيراد والتصدير لا تزيد عن المكسرات وبعض الحلويات».

وقالت سيدة الأعمال نعيمة البلوشي أن أغلب البضائع التي تردنا من إيران تعتبر من الكماليات التي من السهل إيجاد البدائل لها وبالتالي فان التأثير المترتب على المقاطعة سوف يكون محدودا جدا.

العمالة الإيرانية في الخليج... بين التبشير الفكري والعقائدي والتدخل السياسي

لا تمثل العمالة الإيرانية في دول الخليج مصدر دخل هام فقط بالنسبة للحكومة الإيرانية، ولكن العديد من الدراسات الجيوسياسية ترصد مدى سطوة التأثير الفكري والعقائدي الذي تتركه الجالية الإيرانية في منطقة الخليج خاصة في المناطق التي تتركز فيها مثل الكويت والإمارات.

وفي العصور الحديثة، لعبت الهجرة من إيران، كما نشرت شبكة "راصد"،  دوراً كبيراً في زيادة عدد الشيعة في دول الخليج وخاصة الكويت, وكانت هذه الهجرة المنظمة والكثيفة تهدف إلى الاستفادة من الرخاء المأمول بسبب اكتشاف النفط, إضافة إلى رغبة إيران في تشكيل تجمعات شيعية كبيرة في دول الخليج, تسهّل على إيران المطالبة بهذه المناطق وادّعاء ملكيتها لها, كما حدث في جزر الإمارات الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التي احتلتها إيران سنة 1971 وأعادت احتلالها سنة 1992, وكما حدث أيضاً في المطالبة الإيرانية المستمرة بالحق المزعوم لها في دولة البحرين.

وبالرغم من عدم وجود إحصاء رسمي يبين عدد الشيعة الإيرانيين في دول الخليج، إلا أن بعض الإحصاءات تشير إلي أن نسبتهم في الكويت  تقارب 10% من مجموع السكان، ويتركز معظمهم في العاصمة الكويت والمناطق المجاورة لها. نصف هؤلاء الشيعة من أصول عربية, والنصف الآخر من أصول إيرانية وفدت إلى الكويت وإلى دول خليجية أخرى في القرون الثلاثة الماضية, وقد تعرب معظمهم واكتسب جنسية هذه البلاد, وما يزال معظمهم يحتفظ بكثير من عناصر الثقافة الفارسية, بما في ذلك اللغة.

وبحسب الكاتب والمؤرخ د. عبدالله بن محمد الغريب فإن هجرة الإيرانيين الشيعة إلى دول الخليج؛ جاءت نتيجة جهود منظمة ومدروسة، من المخطط الإيراني للسيطرة على الخليج.

وتدفق على دول الخليج الأخرى عدد كبير من الأيدي العاملة الإيرانية, كثير منهم جاء بطرق غير مشروعة, وساعدهم في الإقامة التجار الإيرانيون, الذين أصبحوا مواطنين من أهل الخليج, بل ووكلاء وشركاء لمسؤولين في الدولة, كما استفاد العمال الإيرانيون من الفراغ الذي كان يعيش فيه الخليج العربي بعد الحرب العالمية الثانية, إضافة إلى تواطؤ الاستعمار البريطاني مع إيران.

وسعى هؤلاء الإيرانيون إلى التسلل إلى أجهزة الدولة الحساسة, خاصة تلك التي تمنح الجنسية والإقامة, حيث كان شيوخ الخليج يتساهلون في منح الجنسية, وكانت جوازات السفر تباع كأي سلعة.

وقد ذكرت صحيفة الجمهورية العراقية الصادرة بتاريخ 25/5/1971, نقلاً عن صحيفة الخليج الصادرة في الكويت في 24/5/1971 أنّ إحدى الإمارات العربية (دبي) باعت أربعة آلاف جواز سفر مستوفية لجميع الشروط إلى إحدى الدول المجاورة المعادية للقضايا العربية (إيران), وقالت إن هذه الخطوة تأتي نتيجة تعامل واضح مع سلطات تلك الدول لتمهيد غزو بشري خطير للمنطقة لصالح تلك الدولة.

وبالرغم من تنوع التوجهات الايدلوجيه للشيعة في دول الخليج، فان أحداث الفترة العشر سنوات الأخيرة والخلاف الشيعي السني في العراق والمد الصفوي في لبنان، ومؤخرا ما حدث في البحرين، جعل العديد من التيارات الشيعية في الخليج تأخذ منحى أيدلوجي وسياسي موالي لولاية الفقيه في إيران.

ويعتبر التأثير الأيدلوجي سواء الديني او السياسي بالنسبة للوافدين الإيرانيين ليس وليد اللحظة، وإن كان قد وصل إلى درجة قوية من التأثير في الفترة القليلة الماضية، فإنه بدأ فعليا منذ الثورة الإيرانية عام 1979م، مما جعل ببعض المفكرين يقومون بتصنيف بعض التيارات الشيعية في دول الخليج على أساس أنها تيارات إيرانية تقتدي بولاية الفقيه وتسعى إليها وتبذل الجهد في سبيل الوصول إليها، بعدما تأثرت بها عن طريق العمالة الوافدة، بل وتطلعت إلى دعمها فكريا تارة واقتصاديا تارة أخرى، وسياسيا بشكل أكبر وأكثر تأثيرا.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook