الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

آه.. ما ألذ القات!

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
كنا في السيارة أربعة ركاب.. مُضيفنا الأخ اليمني الفاضل، وثلاثة سعوديين.. اتجاهنا كان مدينة إب الخضراء.. كنت – كعادتي - كثير الأسئلة كلما مررنا ببلدة سألت عنها.. سألت عن أشجار غريبة عليّ، فقال مضيفنا إنها أشجار القات.. وشرح لي باستفاضة أنها أنواع، منها ما يزرع في أعالي الجبال، ومنها ما هو في السهول، منها ما هو شديد الخضرة، ومنها ما هو قاتم، وأضاعني في متاهة شجرة القات. هاجمته بسؤال - وهو طالب العلم وإمام المسجد - هل تتناول القات؟! استنكر السؤال، وأجاب بوقار: "يندر أن تجد من يتناوله من طلبة العلم والمشايخ، فهو بين التحريم والكراهية عندهم..".. وهل هو مخدر أم مفتر أم محفز؟! أجابني بوضوح: "هو أنواع كثيرة، وتأثيره يختلف بحسب النوع والمدة الزمنية، وبالطبع الكمية..".. قلت له: رأيت عمالاً يحملون مواد البناء وفمهم مملوء بالقات كيف يكون ذلك؟! "بعضه يعطي طاقة وحماس - على الأقل في البداية - ثم آخر الوقت يسبب الفتور". قلت: هل تناول ورقة أو بضعة أوراق مؤثرة؟! قال: "أبداً يمكن أن تجرب سآتيك بورقة لتتذوق طعمها". ذهلت من إجابته، لكنه لم يترك لي الفرصة، وأتى بغصن طري شديد الخضرة صغير الأوراق وناولني إياه. "تذوق لا يؤثر إلا الكميات، وأيضاً خلال وقت طويل فقط..".. قدمت لكل رفيق وريقة وطلبت منهم التناول، وإعطاني ردة الفعل تجاهه... صديقي الجالس بقربي سرعان ما تناولها... "طعمها ليس بطيب، ولا أجد لها رائحة..". قلت سننتظر هل تؤثر فيك أم لا؟! بعد دقائق قلت لأصحابي انظروا! صاحبنا عيناه غير مستقرة! .. "هل أنت تحلم؟! هل تحس بشيء؟!! هل ترى قصور فارس؟! أين نحن الآن؟! ". ضحكنا كثيراً من الموقف، وأكملنا الطريق بانبساط، خصوصاً أن مضيفنا شاعر من الدرجة الأولى، وأتحفنا ببعض القصائد الملتهبة. القات حالة اجتماعية عامة في اليمن.. الأصل هو التناول والشذوذ هو الامتناع.. حتى في وسط النساء هناك تخزين، ومقيل بعد العصر.. المقيل (مكان التخزين) يختلف بحسب مكانة صاحبه من حيث الواجهة والمال، فتجد الغرف الواسعة، والجلسة المريحة، وأيضاً مع حزم القات قارورات بيبسي (لزوم التبريد)!! سألت الشيخ الزنداني عن القات فقال: "لا تسأل علماء اليمن عن القات، فأغلب العلماء يجيزونه عدا القلة منهم.".. وحالياً يكثر من يصنفه في خانة التحريم، فضلاً عن قول الأكثرية بالكراهة لأضراره الصحية والاقتصادية.. كنت في زيارة لمؤسسة صحفية مساء... استقبلني رئيس التحرير ونخبة من المحررين، وفوجئت بامتلاء أفواههم بالقات، وبالكاد تفهم ما يقولون! ... قلت لمرافقي: أليست الزيارة منسقة من قبل؟.. ألا يعرفون بقدومنا؟!! قال: بلى لكن هذا معتاد لديهم ولا يرون فيه حرجاً.. خصوصاً وقت المساء.. حيث يساعد - في ظنهم - على الإبداع الصحفي والكتابة المتميزة!! (والحمد لله أني ما تورطت في الموضوع لكانت مقالاتي شيئاً آخر...!! ). هناك جمعيات للتحذير من القات وهناك جهود أفراد ومنشورات وكتيبات.. قابلت ممثل أحد الجمعيات فأهداني مجموعة من النشرات والكتيبات المصورة فوجدتها جيدة.. قلت له كيف قبول الناس لها؟ قال: "القلة من يقرأ.. ومن يقرأ لا يمتنع بسبب ضغوط المجتمع.. حيث يصعب على الإنسان أن يجتمع بأصحابه أو أسرته أو حتى زملاء العمل والجميع يتناول القات وهو شاذ عنهم". أسواق القات عجيبة وهي منتشرة في كل مكان.. أكثر من المخابز والبقالات.. في الطرق.. بين المدن.. يقف الباعة أمام المطبات الصناعية يعرضون بضاعتهم.. وبطريقة فيها إثارة وتشويق. "والله اشتهي القات!! " هكذا بادر سائقنا الفاضل، وهو يراهم بباقاتهم كأنها الورود. "وما الذي يمنعك؟" قال: "أنا منقطع عنه منذ سنوات لكن ما زلت أحن إليه.. وأحياناً يغصبوني في حفلات الزواج.. ما أستطيع أردهم.. لكن في الأيام العادية أنا ممتنع تماماً.".. "أخبرني عن تجربتك؟ " "والله يا دكتور.. أحس أني رئيس اليمن.. وآمر، وأنهى.. وأصدر مراسيم.. و.".. "على هونك.. لكن لا تنسنا.. ممكن أن أكون مستشارك الشخصي؟! ". "أبشر يا دكتور.". ودّعت السائق، وركبت الطائرة عائداً إلى الرياض، وأنا أدعو للشعب اليمني أن يتوب الله عليه من هذه الآفة.اضافة اعلان
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook