الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

الإنسان.. صناعة وصياغة

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

ما إن يولد الإنسان حتى تبدأ عملية الصناعة والصياغة من قبل أبوبه وعائلته وبيئته التي ولد فيها، بل قبل أن يرى الحياة، تسهم كل هذا المكونات، وكل ما يحيط بهذا المولود في صناعته وصياغته.

اضافة اعلان

والإنسان في أصل خلقته مكرم، كما أخبر الله تعالى فقال: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً"، ومن باب التكريم له أنه يولد على الفطرة؛ أي على دين الإسلام.

وتمتد يد العبث بالإنسان حينما ينحرف عن تلك الفطرة, من قِبل أقرب الناس إليه وهما أبواه اللذان يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه, فيصنعان حينئذ شخصية ممسوخة العقيدة, مشوهة في بنيانها الداخلي الذي ولد مستقيماً، فأبيا إلا أن يكون بنياناً معوجاً.

ولا تمتد يد عبث الإنسان بأخيه الإنسان في مجال العقيدة وفقط, بل كل مكونات الإنسان كانت عرضة للصياغة والصناعة, وتتوقف النتائج في كل الأحوال على الصانع الصائغ والهدف اللذين يسعيان إليه.

فرب صانع وصائغ تخرج من بين يديه نماذج تملأ الدنيا رحمة، وعدلاً، وبراً، وإحساناً، وقسطاً؛ لأن هذا كان هدفه ومبتغاه, واستخدم منهجاً وصنع بيئة ساعدت على خروج تلك النماذج الباهرة المتميزة في صناعتها وصياغتها إلى نور الحياة.

وانظر كيف كانت صناعة النبي الكريم لهذا الجيل الفريد, الذي فتح مشارق الأرض ومغاربها, ودانت لهم الدنيا, ولم تدخل في قلوبهم البتة, بل ظلت في أيديهم يعبدونها لله سبحانه وتعالى, ويملؤون جوانبها عدلاً ورحمة.

ورب صانع وصائغ تخرج من بين يديه نماذج ملء الشر جوانبها ففاض على الأرض كلها، فمُلئت جوراً وظلماً وبغياً وعدواناً, فطال القاصي والداني, وما ذلك إلا لأن الصائغ كان ذلك هدفه ومبتغاه، ووفر البيئة والمناخ الذي أفرز مثل هذه الكائنات الممسوخة المشوهة.

 وانظر كيف صنعت إيطاليا ـ على سبيل المثال ـ نماذج الشر التي جاءت إلى ليبيا لا لتنشر العدل والرحم، وترفع الظلم والعدوان, بل ما خرجت من ديارها إلا بطراً وأشراً وصداً عن سبيل الله فكان نشيدهم: يا أماه أتمي صلاتك ولا تبكي،  بل اضحكي وأمّلي.. ألا تعلمين أن إيطاليا تدعوني وأنا ذاهب إلى طرابلس فرحاً ومسروراً؛ لأبذل دمي كي أسحق الأمة الملعونة.. لأحارب الإسلام. سأقاتل بكل قواي لأمحو القرآن!

إننا في هذه الحقبة المظلمة من تاريخ أمتنا, التي يرمى فيها الإسلام عن قوس واحدة, حري بنا أن نعيد النظر ونتأمل كيف صاغ الإسلام وصنع رجالاته؟

وهذه الدعوة تمليها أسباب متعددة, لعل من أهمها سببين رئيسيين:

الأول: لنتمثل ذلك واقعاً في حياتنا وصياغة أبنائنا, فهذا الضعف وهذا الوهن, ما هما إلا نتيجة حتمية للتربية والصياغة والصناعة الانهزامية التي تربت عليها الأجيال تلو الأجيال، وأسهمت البيئة الفاسدة في ذلك أيما مساهمة.

ثانياً: لننفض عن الإسلام ما علق به مما لا يرضاه ولا يقره, وهو ناجم عن تصرفات كيانات، أو جماعات، أو أفراد، أخطؤوا الفهم، وضلوا الطريق, فكان خطؤهم وإساءتهم كلها بقعاً شديدة السواد في ثوب الإسلام النقي الطاهر...

إنها وقفات قد تطول لنعلم كيف صنع الإسلام وصاغ رجالاته؟

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook