الخميس، 16 شوال 1445 ، 25 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

ما الذي يجري؟!

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

يقلب هاتفه الذكي، وأنا أتابعه... يبتسم.. يرفع عقيرته: هاه.. يسكت.. إنه يعيش في عالم آخر.. عالم الشبكات الاجتماعية..! "ضعوا أجهزتكم في السلة، لا أريد أحداً أن يجلس معي وجواله بيده، نريد أن "نسولف".. أذعن جميع الأبناء لأمهم، ونفذوا طلبها... "في السابق كانوا يجلسون عندي وعقولهم في الخارج، وعيونهم على جوالاتهم، لا أريد منهم هذه الزيارة".. هكذا وضحت الأم سبب طلبها من الأبناء. انشر تؤجر.. لا تقف عندك.. أرسل واكسب حسنات... وزعوها على القروبات؛ ليستفيد الناس وينتبهوا... هذه خاتمة الكثير من الرسائل..! تحول برنامج "واتس آب" إلى ميدان تنافس في الإرسال، تحول من برنامج محادثة شخصية، أو جماعية، إلى منصة متعددة المهام.. تحول من منصة اجتماعية تواصلية إلى وعظية بالدرجة الأولى... قد يكون الحديث ضعيفاً، أو موضوعاً.. ما أدراني عن ذلك (كما هو منطق الكثيرين)؟ قد يكون الحكم الفقهي خاطئاً.. مع ذلك انشر تؤجر..! المشكلة أن مبدأ النشر أخذ بعداً خطيراً.. بمعنى أن من لا يعيد النشر.. مقصر.. متهاون.. ولا يحب الخير.. لا يبحث عن الحسنات.. غالبية من يرسل لا يقرأ المحتوى: ألا يكفي أنه آية، أو حديث، أو وعظ، أو مادة دينية نافعة، أو نصيحة من عالم، أو بحث فقهي.. (كما هو لسان الحال). أحد الظرفاء عمل حيلة.. أرسل رسالة ووسطها جملة: من يقرأ هذه الرسالة فله 5 آلاف ريال، وأرسلها إلى أكثر من مجموعة على الواتساب.. وختمها بـ"انشر تؤجر"... انتظر أياماً لم يجد تجاوباً.. لم يطالبه أحد بالمكافأة.. عندما وضح لاحقاً ما في الرسالة لأصحابه تأسفوا: "راحت علينا".. لأنهم ببساطة قاموا بإعادة النشر دون تكلف قراءة ما فيها.. بالطبع هناك الكثير من المواد المفيدة، والنصائح الرائعة، والأبحاث القيمة، والمقالات الممتازة، لكن الجيد يضيع مع المكرر الكثير... الكثير من الناس لا يكلف نفسه عناء القراءة.. فما بالك بأن يطبق ما يقرأ.. فضلاً عن إرساله؟ رغم كثرة ما يتداول من مواد طبية، أو اجتماعية، أو ثقافية، إلا أن الغالب مادة "وعظية" وهذا مخالف للهدي النبوي، كما قال عبدالله بن مسعود: "كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة..". كثرة الوعظ تضعف التفاعل.. وكثرة النصائح تقلل من قيمتها، و"كثرة الإمساس تقلل الاحساس" كما في المثل المشهور.. أحدهم يرسل لي يومياً ما يقارب 20 مادة.. وفي إحدى المجموعات التي أنا مشترك بها أكثر من 100 مادة في اليوم.. بالله عليكم ماذا نقرأ وماذا نتابع؟!.. الطامة الأكبر مع مقاطع فيديو.. لا يكاد يخلو جهازك من العشرات منها يومياً: لا تعرف كنه المادة، وليس لها عنوان، وهل لك علاقة بها أم لا، وهل هي نافعة؟.. فقط صورة وحجم المقطع، إما أن "توسع" صدرك، وتفتح وتنتظر ما يأتيك، وإما أن تحذف مباشرة، وتريح أعصابك! أصبح هذا البرنامج للبعض فتنة.. يفتح كل دقيقة، بل وضع منبه لأي رسالة تصل.. يسارع للفتح كأنها هدية من السماء..! لا نطالب بالتوقف، ولا الخروج من البرنامج، لكن بالاقتصاد، والنفع، والتركيز. أحدهم يرسل لي الكثير من الرسائل.. قلت أجرب أرسل رسالة سلام.. لم يحب.. كررت ذلك.. استمر في الإرسال.. إنه لا يقرأ ما أرسل، ولا يكلف نفسه عناء الرد.. إنه "ماكينة إرسال" فقط...لا يستقبل، ولا يرد، ولا يتفاعل.. شكراً لك.. مستقبلاً سأحذف أي رسالة منك غير آسف! إذا أردت أن تنشر شائعة فعليك بالواتساب.. إذا أردت أن تقبض على مجرم (أجهزة أمنية) فعليك بالواتساب.. إذا أردت أن تستدرج فتاة فعليك بالواتساب.. إذا أردت أن تنشر علماً نافعاً أيضاً عليك بالواتساب.. هل نرشّد استخدام هذه التقنيات المفيدة، بحيث تؤدي الدور المتوقع منها، دون إضاعة للوقت، أو إفساد للذوق، أو التسبب في الإملال، أرجو ذلك وأتمناه...

اضافة اعلان
كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook