الجمعة، 10 شوال 1445 ، 19 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

الصدمة الإعلامية

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

 أنت واقف... تستمتع بالمنظر أمامك... جمال الطبيعة وحُسن صنع الخالق... يأتي إنسان من أمامك يعطيك كفًّا على وجهك... تسقط على الأرض!... أين هو ؟! اختفى!... لِم فعل هذا؟!..

اضافة اعلان

 تتحسس جسدك وتبحث عن جروحك!... هذه تسمى صدمة؛ هل من الممكن أن يمثل الإعلام صدمة ؟!!

 هل المحتوى الإعلامي - في تأثيره - يتباين بين الناس والمجتمعات ؟!

 وحتى داخل المجتمع الواحد هل من الممكن أن يتعرض البعض لصدمة بينما الآخرين محصنين؟!

 وما هو - أصلاً - مفهومنا للصدمة الإعلامية ؟! وهل هي شيء حقيقي أم في الخيال ؟!

 الصدمة الإعلامية تمثل التعرض المكثف والمفاجئ لنتاج إعلامي غير معتاد وفي فترة زمنية وجيزة، هي أقرب ما تكون للصدمة النفسية التي قد يتعرض لها المرء عندما يواجه موقفاً عصيباً أو حالة نفسية صعبة..

 الصدمة الإعلامية ليست - بالضرورة - آنية التأثير، قد تستغرق وقتاً، وقد تكون عميقة أو سطحية بحسب المتلقي وخلفيته الثقافية والاجتماعية..

 أحياناً نستذكر الصدمة الحضارية والتي قد يتعرض لها البعض عندما يسافر من بلده النامي قليل الإمكانات والمتخلف مدنياً، إلى بلد متقدم فيرى العجب... في الطرقات، والمباني والآلات والتقنيات، مما قد يؤثر عليه عقدياً وثقافياً فيربط بين المنتج الحضاري والخلفية الثقافية وهذا الجديد نتيجة للصدمة الحضارية...

الصدمة الإعلامية تتمثل في كم إعلامي مبهر ومتنوع لم يكن متاحاً للمتلقي مسبقاً، مما قد يؤثر عليه عاطفياً وشعورياً في البداية ثم معرفياً وثقافياً في النهاية.

 الصدمة الإعلامية واضحة لمن كان يعيش في فقر إعلامي ثم تنفتح عليه السماء بكم هائل من المخرجات والمحتوى الإعلامي.. مئات القنوات التلفزيونية.. عشرات الصحف ومئات المجلات.. عشرات الإذاعات... الملايين من مواقع الإنترنت.

كمّ هائل من المادة المقروءة.. آلاف من مقاطع الفيديو.. مواد مسموعة لا تكاد تحصر، ومواد مشاهدة لا تكاد تعد.. بأبعاد مختلفة وأشكال متباينة، تخلب الألباب، فما بالك إن طالع صوراً متلفزة عالية الجودة (HD أو الأحدث والأكثر سحراً 4K) أقرب ما تكون للواقع الحي وأحياناً أجمل منه (من حيث استخدام المؤثرات الفنية)...

أما إن طالع التلفاز ثلاثي الأبعاد عالي الدقة لأول وهلة وهو عديم الخبرة قليل التجربة في المجال الإعلامي فحتماً سيصاب بصدمة إعلامية...!!

 الصدمة الإعلامية قد تكون إيجابية إن كان متلقيها من أهل العقل والحصافة.. من أهل الفكر والعلم والثقافة...

 بعقله يشعر بالمسؤولية.. ويستحضر التحدي الحضاري...

 المسألة - بالنسبة له - إرادة في المواجهة ورؤية في المنافسة.. يضع الخطط ويبحث عن التمويل ويحاول التنفيذ.. يشجع الآخرين ويوعي الغيورين... يوضح الواقع ويشرح المسألة الإعلامية، ويبين أهمية التحدي ووجوب المواجهة... إيجابي في أفعاله وأقواله..

 الصدمة الإعلامية - بالنسبة للبعض الآخر - انهزام كامل، وهروب للأمام... يستصعب القضية ويرى استحالة العلاج فالمرض - في نظره - مستفحل.. يخذل الآخرين ويضعف همم المصلحين.

  الصدمة الإعلامية حقيقة وليست خيالاً، ولئن لم يشعر البعض بها فليس لأنها غير موجودة بل لأنها جاءته متدرجة فلم يشعر بها.. لم يتعرض للصدمة لكنه عاش التجربة واكتسب المعرفة..

 نحن نعيش هذا الزمن الذي جعل البعض يستسلم للإعلام - مصدوماً - بكامل شعوره وحواسه ويتقبل ما يُلقى إليه، ويتفاعل مع ما يُرسل إليه ظاناً أنه مفيد ونافع أو ممتع وسائغ...!!

 بالطبع هناك إعلام هادف وإيجابي وداعم لكنّ الأكثر هو إعلام سلبي.. في الجانب المعرفي والثقافي.. في الجانب العقدي.. في الجانب الزمني.. وحتى - سلبي - في الجانب الذوقي، لذا فالمفترض من العاقل أن يعرف من أين يغترف وماذا يغترف ويفرق بين الغثّ والسمين... يكيل ميزانه بدقه ويأخذ بقَدْر حاجته...

 هو إنسان لديه أسرة ومجتمع وعالم حقيقي غير عالَم الإعلام ليعيشه، ودنيا تعقبها آخرة تتطلب منه جداً وتشميراً، فلا يأخذنا الإعلام بتلابيبه فيسقطنا أرضه فيصعب علينا النهوض.. !!

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook