الخميس، 16 شوال 1445 ، 25 أبريل 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

المفتي: الفضائيات المتاجرة بتأويل الرؤى تأكل أموال الناس بالباطل

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

تواصل - واس:

أوضح سماحة مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، أنَّ نعمة النوم من النعم التي أنعم الله بها على عباده، فترتاح فيه أبدانهم، وتسكن فيه حركاتهم، وتطمئن فيه نفوسهم، ولا يعلم قدر هذه النعمة إلا من سلبها بمرضٍ، أو أرق، أو هموم وغموم.

اضافة اعلان

وقال سماحته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض: إن النوم نعمة ذكَّرَ الله فيها العباد، وجعله آية من آياته قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُون), حيث يعلو الإنسان في هذا النوم ما يقلق راحته ويقض مضجعه، ويجعله في قلق في منامه، ولهذا فإن الله جل وعلا يتوفاه به وفاةً صغرى، قال الله تعالى في كتابه العزيز: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى).

وأضاف: أنًّ الرؤى والأحلام أمر فطري عرفه الناس من القدم، وتأتي الإنسان في منامه، وهذه الرؤيا وهذه المنامات حق عند أهل السنة والجماعة، والرؤى على أقسام ثلاثة: إما أضغاث أحلام، أو موقف باليقظة يتمثل له في حال نومه، أو رؤيا صادقة أو رؤيا مبشرة أو محذرة, حيث بيَّنت الشريعة أحكام الرؤى وأصل ذلك في كتاب الله كما قصَّ الله عن نبيه يوسف عليه السلام، وعن إبراهيم عليه السلام، والرؤيا الصالحة كانت مبدأ الوحي لنبينا (صلى الله عليه وسلم) فكان أول ما بدأ أنه يرى الرؤيا الصادقة التي يراها في منامه، فيصبح يراها كبزوغ الصبح واضحة؛ أي أنه يراها في اليقظة بالعين كما رآها في منامه.

وبين سماحته أن الإسلام بيَّنَ أحكام الرؤى، فأخبر أن هناك أضغاث أحلام؛ أي مرآي لا قيمة لها ولا اعتبار لها، وإنما هي من الشيطان يحزن بها ابن آدم، وهناك مواقف في النهار يعيشها الإنسان في حياته فيراها في منامه، وهناك الرؤيا الصادقة التي يراها وهي جزء من 46 جزءاً من النبوة، كما بين ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم).

وقال: إن من المصائب ما يقوم به البعض في بعض المحطات الفضائية؛ من اتخاذ برنامج عام لتحليل الرؤى فيكثر المتصلون بمثل هؤلاء فيعطونهم من الرؤى التي رأوها في منامهم كأضغاث أحلام التي لا داعي لها ولا اعتبار لها، وإنما هي أضغاث أحلام، لكن هؤلاء اتخذوا هذا التعبير في هذه القنوات لأمورٍ مادية يأخذونها ويعطون المعبر شيئاً، والمحطة شيئاً آخر، فيكون ذلك سبباً لترويج هذه المحطات واكتسابها من وراء ذلك.

وبين أن تأويل الأحلام حق لكن لا ينبغي الكذب فيه ولا التدليس، وإنما يتبع فيه المسلم تعاليم الشريعة الإسلامية التي جاءت بما فيه الخير والصلاح, ورؤيا الأنبياء حق، كما بيَّنَ الله عن إبراهيم (عليه السلام) لما رأى في المنام أنه يذبح ابنه (قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فأنظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين).

وأضاف: كما بيَّنَ الله عن نبيه يوسف إذ قال تعالى: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ).. ثم قال في آخر السورة: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً).

وأفاد أن هناك أضغاث أحلام تأتي في المنام فلا تُقم لها وزناً، ففي الحديث جاء رجل أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) قائلاً يا رسول الله، رأيت كأن رأسي ضرب فتدحرج فجعلت أتتبعه وجهدت أتتبعه، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لا تخبر الناس عن تلاعب الشيطان بك في منامك، مشيراً إلى أن الرؤيا الصالحة من المبشرات التي يبشر بها المسلم، مستشهداً بقول الله تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ), قال العلماء البشرى هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له.

وقال سماحته: إذا اتبعت آداب الشريعة في ذلك هان الأمر عليك، فالنبي (صلى الله عليه وسلم) أخبرنا أننا إذا رأى أحد منَّا رؤيا تعجبه أن يحمد الله عليها ويشكر الله عليها ولا يخبر بها إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره أن يتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان، وأن ينفث على يساره ثلاث مرات، وأن يصلي ويقرأ آية الكرسي، ولا يخبر بها أحداً فإنها لا تضره, إذاً فإذا أخذنا بالسنة ورأينا في منامنا ما نكره أن لا نقلق ولا نضطرب بل نتوجه إلى الله ولا نخبر بها أحداً ونتعوذ بالله من شرها وشر الشيطان ونصلي ونقرأ آية الكرسي كل هذه الوسائل لإبعاد الشيطان عنَّا وعن إقلاقه لمنامنا، ولهذا فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (من قرأ آية الكرسي في كل ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح).

ولفت سماحته النظر إلى أنه كان (صلى الله عليه وسلم) إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه فنفث فيهما قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثم يمسح بهن ثلاث مرات في كل مرة رأسه ووجه وما استطاع من جسده، فإذا سميت الله عند منامك والتزمت هذا الأدب النبوي ولم تخبر بهذه المرائي أحداً فإنها لا تضرك بتوفيق الله وفضله، ولكن الخطأ أن نطرق هذه القنوات ونعطيهم من أضغاث الأحلام التي ليس لها داع حتى يرهبوننا ويخوفونا ويثيروا فينا رعباً وخوفاً.

وأشار إلى أن المحطات التي تتاجر في المرائي المنامية وتجعل منها سوقاً رائجة عندها تهزئ من الناس وتأكل أموالهم بالباطل، وتدخل عليهم الخوف والذعر، فكل هذا غير جائز، والشرع الحكيم أدبنا في المرائي السيئة أن نتعوذ بالله من شرها، ومن شر الشيطان، وأن ننفث عن يسارنا ثلاث مرات، وأن نصلي وأن نقرأ الكرسي وأن لا نخبر بها أحداً فإن هذا لا يضرنا ولا يؤثر علينا.

وخاطب سماحة مفتي المملكة المعبرين قائلاً: أيها المعبر للأحلام اتق الله فإن تعبير الأحلام علم فلا يجوز أن تقول على الله بغير علم، عبِّر الأحلام إذا كنت قادراً تعبيراً سليماً، إياك والإرعاب والتخويف وإياك وإخافة الناس، عبِّرها للرائي على وجهٍ شرعي مع النصيحة له والتوجيه له إن كان في الرؤيا ما يدل على مخالفته، أو ارتكابه بعض المحظورات، فحاول أن توضح له ذلك بأدبٍ ورفقٍ ولين من غير إزعاجٍ ومن غير إخافة، وإياك أن تتخذه وسيلة لاقتناص الأموال فإنك من هؤلاء الذين اتخذ التعبير وسيلة إلى الربح في رؤى الناس فيربحون من خلالها الآلاف المؤلفة، وذلك بأنهم يهزؤون من الناس؛ لأن تعبيرهم للرؤى هو تعبير خطأ، فمنهم المخطئ في التعبير ومنهم من لا يعرف ويحمل الرؤى على غير محملها، فإن الرؤى منها ما هو واضح جلي ومنها ما هو خفي يحتاج إلى عالم يحل مشكلات هذه الرؤيا ويبيِّن حقيقتها، أما الدخول فيها بجهلٍ وقلة علمٍ ومعرفة فإن هذا لا يجوز، وأعظم من ذلك الكذب في الرؤى فقد جاء في الحديث: "من تحلم حلماً كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين وليس بفاعل، مشيراً إلى أن من أعظم الفرى أن يري العبد عينيه ما لم تريا".

وحذر سماحة مفتي عام المملكة من الكذب وقال: الكذب فيها حرام والتزوير فيها حرام، وتعبيرها بغير علم حرام، لا تُعبَّر الرؤى إلا بعلم وبصيرة وهدوء،.. لا تعبِّر لكي تخيف الناس فقد تكون الرؤيا بعكس تعبيرك؛ لأنك عبَّرتها بغير علم فاتقِ الله في نفسك ولا تعبِّر إلا بحق، ولا تقل إلا حقاً، وأرشد كل من جاءك يريد منك تعبير الأحلام إلى السنة إن كان سيئة أن يتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان، وأن يحول منامه من جنبٍ إلى آخر، وأن يصلي ويقرأ آية الكرسي وأن لا يخبر بها أحداً فالأمر بيد الله جل وعلا وقضائه وقدره، أما إذا كانت رؤياً صالحة فبشره بها ومُره بحمد الله والثناء عليه وعدم الاعتراض والصبر والقيام بالواجب، فإن الرؤى ليس عليها معوّل، لكن إذا رأيت من الرؤى ما فيه شيء يخالف الشرع فمُر هذا الرائي بتقوى الله وحذره من ما انطوى عليه من أمور سيئة لعله يتوب منها، وإن كان خيراً محضاً فبشره بها وعرفه بها ومره بحمد الله وشكره عليها وأن لا يخبر بها إلا من يحب من الناس لأن البعض من الناس لو أخبرتهم بالرؤيا وهي حق لقلبوها عليك وآذوك والحقوا الضرر بك وقالوا هذه المرائي تفسيرها كذا وكذا قد يعبِّرها مُعبِّر كاذب ليس صادقاً ولا عالماً بذلك، لكنه أحمق وجاهل يستغل أحلام الناس ليأخذ الأموال على كل رؤيا وعلى كل حلم.

ورأى سماحته أن المحطات الفضائية بعضها اتخذ التعبير وسيلة لاقتناص الأموال وقسمتها بين المعبِّر وبين المحطة.. وكل هذا جهل وأخذ للمال بغير حق فإنها علم والعلم لا يجوز أن يشترى أو يباع فيعلم الناس علماً نافع، فمن سئل عن علم يعلمه فبيَّنه بالطريق الشرعي، أما أن يتخذ الناس طرقاً للتعبير أو محطات فضاء للتعبير أو من خلال الصحافة أو الهاتف فكل هذا لا يجوز لأحدٍ أن يعملها، فلنتق الله في أنفسنا ولنشكر الله على نعمته ولنجعل الأذكار عند منامنا ويقظتنا لأن بالأذكار حماية لأنفسنا وحماية لنومنا، فلنذكر الله عند النوم وعند صباحنا، فإن هذا حماية لنا في منامنا من تسلط الشيطان علينا؛ لأنه حريص على إحزان ابن آدم وإدخال الهم والغم عليه بواسطة هذه المرائي التي لا تفيد خيراً، فلنتق الله في أنفسنا ولنجتمع على طاعة الله، فإنه من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب.

وحث سماحته بهذه المرائي على عدم الانخداع بهؤلاء المعبرين الذين لا خير فيهم ولا علم عندهم، إذ لو كان عنده علم لما اتخذوه وسيلة إلى اقتناص الأموال، ولكنهم يريدون بها التجارة فلهذا يعبرون بما لا يعلمون يخيفون ويحزنون أو يفرح الإنسان بشيء والرؤى بخلاف ذلك.

وطالب سماحته المسلمين بالاحتراز وقال: علينا جميعاً الاحتراز في التعبير إن علمنا عبَّرنا وما لم نعلمه سكتنا عنه، وإن رأينا خيراً أيدناه، وإن رأينا في الرؤيا ما يدل على تحذير وإنذار أخبرنا هذا الرائي أن هذه الرؤى تحذرك وتنهاك عن ما اشتملت عليه من أخطائك التي تجاهلتها وغفلت عنها، فبهذا يرجى أن يكون من محاصين الرؤى الصادقة والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: "الرؤى الصادقة جزء من ست وأربعين جزءاً من النبوة".

ودعا سماحة مفتي عام المملكة المسلمين إلى تقوى الله في أنفسهم، حيث أخبرنا الله بقوله عن يوسف عليه السلام: ((ربّي قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين)).

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook