الخميس، 18 رمضان 1445 ، 28 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

أنتي موسوسة...!!؟

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook

(وفاء) سيدة في الثلاثين من عمرها... معلمة وأمّ لطفلين.. تشتكي من ضيق في التنفس واضطراب في نبضات القلب... وعدم قدرة على طلوع الدرَج بدون التوقف أثناء ذلك!! وقد كانت هذه الأعراض خفيفة لسنين مضت.. وكانت تهملها.. ولكنها الآن أصبحت تزداد سوءًا... وقد طلبت من زوجها مرات عديدة الذهاب للطبيب وكان يرد عليها دوماً بعبارته المعهودة (ما فيك إلا العافية)!! وأمام إلحاحها المستمر أخذها إلى الطبيب العام الذي أجرى فحوصات عامة من تخطيط قلب وتحليل دم وغدة درقية وكلها كانت طبيعية... فقال لها الطبيب أنتي معك كسل وخمول وتحتاجين برنامج لياقة رياضي.... فذهبت لممارسة حياتها اليومية وبدأت برنامج رياضة يومياً ولكنها لم تستطع بسبب ضيق التنفس الشديد أثناء المشي.... فطلبت من زوجها الذهاب إلى طبيب قلب ولكنه قال (أنتي موسوسة)!! وتحتاجين علاجاً نفسياً للقلق؛ لأن الطبيب قال ما فيك إلا خمول!!.... ولكنها أصرّت وطلبت من إخوانها أن يكلموا زوجها في ذلك... وأمام إصرارهم ذهب لطبيب قلب الذي عمل فحص السونار والجهد وكان الفحص طبيعياً (في نظره)!! وقال لها بالحرف الواحد... أنتي معك قلق!! شوفي طبيب نفسي!!... فأعاد الزوج نفس الأسطوانة المشروخة (قلتلك إنك موسوسة!! وما فيك شي!!)... فأخذها إخوانها إلى طبيب نفسي وأعطاها علاجاً ولكنها لم تتحسن... بل واشتدت ضيقة التنفس... وأصبح يضيق نفسها من خطوات قليلة... وفي كل مرة يعيد عليها زوجها عبارته المشهورة "أنتي موسوسة... وما فيك إلا العافية... احمدي ربك على النعمة"!!

اضافة اعلان

وفي آخر محاولة منه أتى بمن يقرأ عليها.... فلم تستفد، واستمر التدهور حتى أغمي عليها في دورة المياه وذهب بها زوجها إلى المستشفى، وعندما وصلت كان هناك تغيير واضح في تخطيط القلب وفي أشعة الصدر وارتفاع كبير في الضغط الرئوي وعند إجراء الأشعة الصوتية للقلب اتضح أن لديها ثقباً كبيراً في القلب بين الأذينين حجمه 2سم، ويحتاج إلى عملية جراحية عاجلة.... وعند مراجعة فحوصاتها السابقة كانت التغيرات موجودة وبسيطة ولم تلفت انتباه الطبيب المعالج في الزيارات السابقة.

هذه القصة الواقعية التي حدثت الأسبوع الماضي نستنبط منها عدة فوائد وعبر:

1- أن الزوج راعٍ لبيت أهله ومسؤول عن صحة رعيته وسلامتهم... فيجب عليه ألا يهمل أي أعراض تشتكي منها زوجته ويترك القرار للطبيب... ولا يتخذ هو القرار بناء على وجهة نظره أو ما يسمعه دوماً من كثرة شكاوى النساء و"وسوستهم"!! فلأن يخطئ الزوج في أخذ الزوجة إلى المستشفى وتكون فحوصاتها سليمة أسلم بكثير من أن يخطئ في إهمال حالتها وهي تعاني شيئاً ما... قد يكون خطراً على حياتها وهو يتهاون به.

2- المريض وشكواه أكثر مصداقية من جميع الفحوصات في العالم.. فإذا تعارض ما يقوله المريض مع ما تقوله الفحوصات فنصدق دوماً المريض، إلا إذا كان متهماً في عقله أو معروفاً كذبه وتداعيه للمرض.

3- هناك حالات مرضية لا تكون واضحة في بدايتها.... وقد تخدع الفحوصات الطبية وسلامتها الطبيب وأهل المريض معاً.... ولذلك يجب أن تستمر المتابعة مع نفس الطبيب أو طبيب آخر... ما دامت شكوى المريض مستمرة..

4- الأطباء بشر وليسوا ملائكة معصومين من الخطأ والتقصير ولا منزهين عن السهو والنسيان وعدم التركيز في حالة معينة.... كما في الحالة أعلاه... ولتفادي ذلك فيمن استمرت شكواه المرضية عليه استشارة أكثر من طبيب أو يجتمع فريق طبي لفحص المريض ومناقشة حالته لتقل نسبة الخطأ والتقصير.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook