الجمعة، 19 رمضان 1445 ، 29 مارس 2024

أعلن معنا

اتصل بنا

يا وزارة التربية: هل هذا من التربية؟

أ أ
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook
اضافة اعلان

إن من أسس التربية الإسلامية – بل وكل تربية عاقلة حكيمة - تربية الولد الذكر وتهيئته لما خلق له، وتربية البنت وتهيئتها لما خلقت له، فليس الذكر كالأنثى، وهذه مسألة بدهية، ونعني بأن الذكر ليس كالأنثى: أن الذكر بما أودع الله فيه من مزايا بدنية وعقلية ونفسية، يختلف عن الأنثى التي أودع الله فيها - كذلك - مزايا جسدية ونفسية وعقلية تختلف اختلافاً بيناً عن تلك التي لدى الذكر، ولنضرب مثالاً بالقوة البدنية لدى الذكر التي لا توجد عند الأنثى في جميع الأحوال بالقدر نفسه، وكذلك قوة التحكم في الانفعالات، فهي عند الذكر أقوى وأظهر منها عند الأنثى، وعند الأنثى من الخصائص البدنية؛ لكي تقوم بالحمل، والرضاعة، وغير ذلك، ما هو معلوم لكل أحد.

والقصد أن التربية التي تغفل هذه الاختلافات تربية فاشلة، وبالرجوع إلى القرآن والسنة نجد الاهتمام الكبير بإبراز الفروق بين الذكر والأنثى؛ ومن ثم نجدهما يحددان مهام كل من الذكر والأنثى بناء على هذه الفروق.

ومن المسائل المستجدة، ما قامت به وزارة التربية والتعليم من التوجيه بدمج الصفوف الأولية من المرحلة الابتدائية وهي الصفوف: الأول، والثاني، والثالث، في بعض المدارس الخاصة، بحيث يدرس الطلاب الذكور في مدارس البنات، ومعلمات نساء، وهو لا شك تمهيد لفرض الدمج في جميع الصفوف – لا سمح الله – والدمج هنا أن يدرس الطالب والطالبة في المدرسة نفسها، وفي البداية يدرس الطلاب في فصل منفصل عن الطالبات، ولكن في مدرسة للبنات، حيث تقوم بالعملية التعليمية المعلمات، ويكون الاحتكاك بين الطالب والطالبة في هذه الفترة في المقصف، والملعب، والممر، وغير ذلك، فيعتاد زمالة البنت وصداقتها!! ومن تبريرات هذا التوجه أن المعلمة أقدر على إعطاء الطالب العاطفة والصبر عليه، إلى جانب مسائل أخرى كلها مسوغات واهية أمام الخسارة التي تحصل للطلاب، والطالبات، وللجيل، والأجيال من وراء هذا الدمج النكد.

فمن الآثار الهدامة لهذا الدمج:

1 - أن يعتاد الطالب الصغير على زمالة الطالبة والعكس، ويعتاد على المجتمع الأنثوي، حيث يتطبع بهذا الطبع طوال حياته، فالطفل كما يقال صفحة بيضاء تتأثر تأثراً شديداً بما يتلقاه في طفولته، وهذا يعني قبوله لمبدأ الاختلاط في قادم سنواته، وفي جميع مراحله العمرية، أو على الأقل عدم استنكاره، وهنا أريد من الإخوة القراء أن يتأملوا في بعض المواقف من أطفالهم في سن السادسة وقبلها بعدها، وكيف أنهم إذا جاءهم غريب أخبروا أمهاتهم أن هناك رجالاً حتى لا يهملن في حجابهن، أو يدخلن عليهم خطأ، وهذا أجده في أطفالي وأطفال أقاربي ذكوراً وإناثاً، وهذه ثمرة التربية والمجتمع الملتزم بالقيم الإسلامية.

2 - سيفقد الطالب الذكر تربية المعلم الرجل له، وستقوم بالمهمة امرأة هي المعلمة، وهذا خطير على تكوين الطالب ليكون رجلاً بالمعنى المعنوي، والحقيقي للرجولة، فتربية المرأة تختلف عن تربية الرجل في كثير من الجوانب، وسيفقد الطالب قيماً تربوية لا يقدمها له إلا المعلم الرجل، ورب قائل يقول فما تقول في تربية الأم أليست امرأة؟ والجواب صحيح، لكنها أمه تربيه وإلى جانبها والده الرجل، وحينما يتجاوز سن السادسة تقريباً، أو قبل ذلك يصبح ملازماً لأبيه، وفي الوقت عينه تستمر تربية الأم؛ لأنها لن تتوقف مادامت على قيد الحياة بعد أن يصبح ولدها رجلاً، أما المعلمة فامرأة أجنبية عنه، ولن تعطيه ما تعطيه الأم أبداً، فالأمومة ليست كالعمومة! وعندنا تسمى امرأة الأب غير الأم عمة، فالمسألة إذن تربية الرجل للرجل وتربية المرأة للمرأة، هذه هي القاعدة السليمة للتربية، حتى ينشأ الرجل رجلاً بالمعنى السليم، والتام للكلمة، وتنشأ الفتاة فتاة بالمعنى السليم والتام للكلمة:

وينشأ ناشئ الفتيان منا *** على ما كان عوده أبوه

إن تجربتنا التعليمية قبل هذا القرار المفاجئ والمؤلم كانت تجربة ناجحة، حيث قام التعليم عندنا على الفصل التام بين الذكور والإناث، بعد مرحلة رياض الأطفال، وهو ما نصت عليه سياسة التعليم في المادة 155، الذي يعتبر هذا القرار – قرار الدمج - خرقاً لها، وتجاهلاً لأصول التربية الصحيحة في عمومها والتربية الإسلامية في خصوصها.

ولقد قرأنا لبعض من يؤيد هذا القرار من بعض الكتبة، ومن باب التسويغ له أن من إيجابيات الدمج حماية الطلاب من التحرش؟ ولقد صعقت من هذا الباطل الذي لا أبطل منه، فهو بصريح العبارة يوجه الاتهام للمعلمين الذين هم رعاة التربية وأعمدة الفضيلة، وهم من قبل ومن بعد من وإلى مجتمع مسلم له قيمه العظيمة، وكأن أصحاب هذا القول يشيرون بإصبع الاتهام لمدارسنا ومعلمينا التي تخرجنا فيها جميعاً، ولا ريب أن هذا الكلام الخطير ما هو إلا محاولة لتسويغ ما لا يسوغ؛ ولأن الحجة قد أعوزتهم، فذهبوا هذا المذهب الباطل، وغير الأخلاقي.

إن هذا الدمج خطوة نكدة ومؤلمة، وتطوح بتعليمنا وتجربتنا الناجحة والقيمة، وتذهب به - بعيداً - عن الأهداف التي لأجلها قام التعليم.

قال تعالى: (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)، فعاتب وعاب على بني إسرائيل حين طلبوا من موسى (عليه السلام) أن يبدل طعامهم الشهي المفيد من المن والسلوى إلى الفوم، والعدس، والبصل، وهذا العيب لهم، والعتاب من الله في مسألة الطعام، فماذا نقول لمن يريد إهدار القواعد التربوية السليمة، واستبدال الضياع والفشل بها؟ بل وما يتعلق بإعداد فلذات الأكباد الذين هم أهم وأغلى ما في حياة الأب والأم، والذي هم عدة وأمل مستقبل البلد والأمة.

كلمات البحث
addtoany link whatsapp telegram twitter facebook